حين تتاجر أمريكا بمواطنيها
علي اليوسف
لا تنتبه أمريكا لكلامها العبثي هنا وهناك، فتصريحات الإدارة الأمريكية ممثلة بالرئيس الأمريكي ووزير خارجيته عن اعتقال مواطنين أمريكيين، ومن بينهم أوستن تايس، في سورية بعيدة عن المنطق، فسورية لم تخرق أية قوانين، بل تم الاعتداء عليها وعلى سيادتها الوطنية، وواشنطن فرضت على سورية عقوبات أحادية جائرة ولاشرعية، وهي من خرقت أحكام اتفاقيات فيينا للعلاقات القنصلية والدبلوماسية حين شجعت العشرات من عملاء استخباراتها على السفر إلى سورية، والدخول إلى أراضيها بشكل غير شرعي، وإلى مناطق تواجد المجموعات الإرهابية المسلحة.
لهذا إن التخرصات التي صدرت عن الإدارة الأمريكية ليست إلا ذراً للرماد في العيون، فهي بعيدة عن المنطق، ولا تحمل في طياتها سوى مزاعم باطلة تسعى للنيل من الحكومة السورية، هذا ونحن لم نأخذ في الاعتبار أن الحكومة الأمريكية اعترفت منذ سنوات بأنه دخل أمريكيون إلى أراضي الجمهورية العربية السورية بشكل غير شرعي.
وما دام تصريح الإدارة الأمريكية واضح بدخول عملاء لها بطرق غير شرعية إلى سورية، فهذا يعني – منطقياً – أن هؤلاء “المواطنين” الذين تتحدث عنهم إدارة واشنطن كانوا يتواصلون مع المجموعات الإرهابية المسلحة التي سيطرت على بعض المناطق في سورية تحت غطاء وحماية القوات الأمريكية التي تتواجد في سورية بشكل غير شرعي.
وتأكيداً على ذلك، ومع بداية انتشار الجماعات الإرهابية في الشمال، تحولت سورية إلى ساحة مفتوحة للجواسيس الذين يتجاوزون الحدود بصفة صحفيين، وكان الأمريكي أوستن تايس أحد الذين دخلوا الأراضي السورية من الحدود التركية، وتنقل في مناطق خارج سيطرة الحكومة السورية، لكنه اختفى ليظهر شريط مصور يبدو فيه أوستن في قبضة جماعة متطرفة، ما يشير إلى اختطافه من قبل “القاعدة” أو إحدى الجماعات المرتبطة بها.
واليوم، يعيد بايدن نغمة أوستن، وكأنه يربط افتراضياً بين الدور الذي تقوم به الحكومة الأميركية لتحرير “الأسرى” الإسرائيليين الموجودين لدى المقاومة الفلسطينية، وبين اختفاء صحفي أمريكي، ليظهر في حركة دعائية للانتخابات الأمريكية أن حزبه المخلص القادم عبر البحار.
لكن بعد كل هذه السنوات، ألم تدرك أمريكا وغيرها أن سورية ملتزمة بمبادئ القانون الدولي وبأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، على عكس الولايات المتحدة، لذلك من الضرورة أن ينتبه الرأي العام الأمريكي إلى أن حكومة بلادهم هي من تتاجر بمواطنيها، فربع الحقيقة ليس بحقيقة بل هو تشويه متعمد لها، وعلى الإدارة الأمريكية أن تمتلك الجرأة – إذا كانت قادرة – والاعتراف أمام أهالي المواطنين الأمريكيين بأنها هي من شجعتهم على السفر إلى سورية، والدخول إلى أراضيها دون إذن من حكومتها، وبشكل غير شرعي عبر معابر حدودية غير نظامية، أو بالتسلل إلى مناطق تسيطر عليها جماعات إرهابية مسلحة، وأنها هي التي مازالت تدعم هذه الجماعات التي تحتجز من تسميهم مواطنين أمريكيين وتتعامل معها دون أن تقيم أي وزن لأمنهم وسلامتهم وحياتهم.