مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد بايدن
ريا خوري
شهدت منصة “إكس” مقابلة ودية خاصة استمرت لساعتين أجراها المرشح الجمهوري الأمريكي، الرئيس السابق دونالد ترامب، مع داعمه الملياردير أيلون ماسك، حيث كان من المتوقع أن تحدث زلزالاً كبيراً في مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكنها كانت محاولة فاشلة لإعادة ضبط حملة ترامب الانتخابية، وتوجيهها وجهةً جديدة ضد مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي الأمريكية حول تلك المقابلة التي حضرها مليون متابع على منصة “إكس” أنّ حصاد ذلك اللقاء كان هزيلاً جداً، وأنّه سيرتد عكسياً على المرشح الجمهوري ترامب الذي بالغ مع مضيفه في الوعيد والتهديد للمهاجرين غير الشرعيين، والهجوم الكاسح على الخصوم الديمقراطيين الذين حزموا أمرهم على البقاء في البيت الأبيض ولاية أخرى.
وعلى الرغم من أنَّ السباق الانتخابي الرئاسي ما زال في أوّله، إلا أنَّ ترامب واجه في الأسابيع الأخيرة سلسلة من النكسات المتتالية عبّر عنها تذبذب شعبيته واهتزازها، صعوداً ونزولاً، أمام هاريس، التي تبدو أكثر تماسكاً وقوةً وانضباطاً منه، والتي بدأ ترامب بمهاجمتها كما هاجم المهاجرين غير الشرعيين مستخدماً كلاماً مسيئاً. ليس هذا فحسب بل اتهم ترامب وأيلون ماسك الديمقراطيين بالانقلاب على الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن من خلال تعيين هاريس مرشحة عن الحزب للانتخابات الرئاسية، واتهامها بأنها مرشحة اليسار المتطرف.
لقد تضمن اللقاء وعداً من ترامب وأيلون ماسك بالقيام بأكبر عملية ترحيل للمهاجرين في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في حال انتخابه رئيساً في شهر تشرين الثاني القادم، حيث ادعى أنّ زيادة عدد المهاجرين في زمن الرئيس بايدن قد تسبب في زيادة معدل الجريمة، ووافقه أيلون ماسك الرأي مشبهاً تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية “بنهاية العالم بأيدي الزومبي”.
في الواقع، تلقى ترامب صدمة حادّة عقب انسحاب بايدن وتزكية نائبته هاريس لخوض الانتخابات، فقد كان ترشيحها توحيد للحزب الديمقراطي حولها، حيث صعدت بشكلٍ متسارع مما أثّر سلباً على فرصة فوز ترامب بالرئاسة مجدداً. وبات اسم هاريس يتفرّد بتفوقه على ترامب حسب العديد من استطلاعات الرأي الأمريكية، حيث اعتبر ترامب صعود هاريس صدمة غير متوقعة، معتبراً أن حلمه تبدّدَ وتحوّل من مجرد ما يمكن أن نطلق عليه ( ظاهرة تويترية) نسبة إلى منصة تويتر التي ينشط من خلال تغريداته عليها، وهذا ما دفعه للتحوّل إلى منصة( إكس) وهي منصة تنتمي إلى تيار سياسي أمريكي يسيطر على الحزب الجمهوري، أو بالأحرى يساهم في إعادة تأسيس الحزب الجمهوري، ومساره وتطوره وفقاً لأفكاره، ومعتقداته السياسية، كي يتحول هذا الحزب إلى حزب يملك القدرة الفائقة على الهيمنة شبه المطلقة على السياسة والنظام السياسي والحكم في الولايات المتحدة الأمريكية تحت شعار: (أمريكا أوّلاً) و (جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى من جديد) .
يعيش ترامب هذا الطموح الكبير، وخطط كثيراً وقرّر مراراً على خوض الانتخابات الرئاسية كي يعيش هو وأنصاره حالة (الثأر)، من خصمه اللدود جو بايدن، وهذا يدل على أنّ دونالد ترامب يعمل جاهداً لتكريس ما يسميه (الترامبية السياسية) من خلال عودته إلى البيت الأبيض من جديد.
تلك (الترامبية السياسية) يريد ترامب تحويلها إلى عقيدة حاكمة وناظمة للقواعد الحزبية للحزب الجمهوري بعد أن ينجح في تحويل الحزب الجمهوري إلى حزب عقائدي يستند بشكلٍ كبير وأساسي إلى قاعدة شعبية تعتمد أكثر من السنوات السابقة على الطبقة العاملة في الولايات المتحدة، وليس على أصحاب المهن والحرف العالية الدخل فقط، وتجمع بين المتمسكة بـ (الحمائية) والدعوة المناهضة للهجرة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، والحريصة على تفكيك النظم البيروقراطية المتصلبة والفاسدة في الولايات المتحدة، على نحو ما يروّج سياسياً وإعلامياً، والدفع بقوة باتجاه تكريس النزعة القومية الشوفينية التي تفضي بنهاية الأمر إلى شكل عنصري معادي بشدة للمهاجرين ومنحازة بشكلٍ مطلق للعنصر (الأبيض) (العرق الأبيض) وحتى (الدم الأزرق) والحيلولة دون تكرار تجربة مجيئ رئيس أسود يتربع على عرش البيت الأبيض كــ (باراك أوباما) الرئيس الأسبق للولايات المتحدة .