قلة إنتاج البطاطا واحتكارها يتسببان بارتفاع أسعارها لمستويات غير مسبوقة
دمشق- محمد العمر
على اختلاف العام الماضي لجهة توفر مادة البطاطا وانخفاض سعرها، يتردد إلى أسماعنا تدني إنتاجها وعدم سد حاجة السوق من الإنتاج المحلي لهذه المادة، وأن جزءاً كبيراً منها يذهب إلى المطاعم ومعامل تصنيع البطاطا، لدرجة أن المدن الكبرى كحلب واللاذقية وغيرها قد بات الطلب فيها كثيراً بعد انخفاض العرض واتجاه المزارعين نحو زراعة مختلفة أو نشاط آخر، مما أربك الأسواق وخلق الفوضى السعرية وزاد من احتكار مادة البطاطا من قبل ضعفاء النفوس من التجار.!
عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق أسامة قزيز أكد لـ”البعث” أن سبب ارتفاع الأسعار الحاصلة بالأسواق لمادة البطاطا يرجع إلى انخفاض مساحات الزراعة بالمحافظات وتراجع بعض المزارعين عن الزراعة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج،
وأشار قزيز إلى جملة من العوامل التي لعبت دوراً كبيرا في ارتفاع البطاطا منها قيام التجار بتخزين المادة في البرادات لبيعها بأسعار مضاعفة عند شح السوق، إضافة إلى أن سعر بذار البطاطا خلال الموسم الحالي كان مرتفعاً قياساً للمواسم السابقة، إذ كان سعر البذار بداية موسم الإنتاج 20 مليوناً للطن، ومن ثم ارتفع ووصل لحدود 40 مليوناً ناهيك عن ارتفاع مستلزمات التخزين التي ساهمت في زيادة السعر، لافتاً إلى أن الموضوع بات يتعلق بتكاليف ومدخلات الزراعة وتضخمها لا أكثر!
أسباب منطقية!
ورغم أن جهات متعددة ومنها اتحاد عام الفلاحين أكد توقف تصدير البطاطا، إلا أن المسألة تخرج عن كفاية المحصول وقدرته على إشباع السوق المحلية لتكتمل قتامة المشهد ويزداد تعقيده بالحلقة الوسيطة “التجار” المتحكم الأول والنهائي بالسعر.
ليؤكد تجار سوق الهال بدمشق أن ارتفاع سعر البطاطا في الأسواق إنما يرتبط بضعف الإنتاج على عكس الموسم الماضي، مشيرين إلى أن نسبة كبيرة من الفلاحين كانوا يرفدون سوق الهال بالبطاطا، إلا أن العدد اليوم قد انخفض وبات ما يرد سوق الهال القليل من هذه المادة ما أثر على سعر المادة.
وحسب قولهم هناك أسواق في المحافظات كاللاذقية واللاذقية وطرطوس بعدما كانت موردة للبطاطا وأسواق أخرى ومنها دمشق، باتت اليوم مستجرة من أسواق أخرى كدرعا وحمص، والسبب أن هذه المحافظات أصبحت تعتمد على المحاصيل الأكثر اقتصادية ومدرة للدخل وتحسن الوضع المعيشي كالموز الأشجار المثمرة.
وأكد بعض التجار أن التصدير لا علاقة له برفع السعر، وبطبيعة الحال فإن التصدير بعد شهر تشرين الأول يتوقف بالعادة إذا ما كان هناك تصدير للخارج، كون هناك البطاطا التركية والمصرية والإيرانية بأسواق الخليج التي تبدأ ترد اليها الكميات بشكل كمي ونوعي.
تساؤل بمحله
بدوره الخبير الزراعي أكرم عفيف بين أن الارتفاع في مادة البطاطا قد تضرر منها المواطن قبل الفلاح وخاصة شريحة ذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون على البطاطا كوجبة رئيسية في حياتهم اليومية، أما بالنسبة للفلاح فلم يعد محصول البطاطا لدى الكثير من المزارعين من المحاصيل الزراعية الإستراتيجية كون تكاليف المستلزمات الخاصة به، قد أصبحت عبئاً عليهم.
وتساءل عفيف ما الذي يجعل سعر البطاطا في محافظة حلب يفوق الـ 13 ألف ليرة سورية؟ مبيناً أن هناك فوضى وتخبط واضح في إدارة الموارد الإنتاجية الزراعية نتيجة التراجع غير المسبوق في الإنتاج الزراعي، وأن هذا يأتي في ظل انعدام وجود قاعدة بيانات حقيقية تحدّد احتياجات المواطن الحقيقية، دون أن ننسى أن التكاليف الباهظة للفلاح اليوم في تقديم الخدمات للحصول على موسم رابح يحتاج إلى أموال باهظة في ظل ارتفاع كل شيء من حراثة الأراضي وأجور النقل والسقاية، والشحن والنقل من الحقل، لافتاً إلى أن التكاليف الإنتاجية لأي محصول لدينا أصبحت هي الأعلى بين كل بلدان العالم، في ظل غياب دعم الفلاح بمقومات العملية الإنتاجية.