نفط سورية المستقبلي!
حسن النابلسي
أقل ما يشير إليه وصف أحد مفاصلنا الحكومية لزيت الزيتون السوري بـ “نفط سورية المستقبلي”، ودعوته لمنع تصديره “دوكما” إلى الخارج، إما اللامبالاة بتسويق هذه الثروة الوطنية، أو أن ثمة لوبيا تجاريا يضغط باتجاه هذا التعاطي المستهدف لاستنزاف هذه الثروة بأبخس الأسعار بالنسبة للمزارعين، ما حدا ببعضهم لقلع أشجارهم لعدم تغطية إنتاجها لتكاليف الأخير!
واعتبر المدير أنه لو كان صاحب قرار لمنع تصدير زيت الزيتون السوري إلى الخارج، مؤكداً أن إيطاليا، التي تعتبر أكبر بلد مستورد ومصدر لهذه المادة، كانت تستورد زيت الزيتون السوري “دوكما” وتعالجه وفق المواصفات الدولية لتعيد تصديره معبأ ومغلفا بشكل يتناسب مع متطلبات الأسواق العالمية وبأسعار مضاعفة، مشيراً إلى أن اليونان استوردت عام 2008 من سورية نحو 6 طن من الزيت لإجراء الدراسات عليه بهدف الحصول على منتج مماثل له، وكذلك فعلت إيطاليا عام 2010 واستوردت 10 آلاف طن.
فالمشكلة الحقيقية إذاً تكمن بالمتاجرين به من جهة، وعدم إيلاء الجهات المعنية الاهتمام اللازم بتسويقه من جهة أخرى، وهنا تتجلى معضلة التسويق الذي ما زال تقليدياً وبدائياً بامتياز، علماً أنه وحسب الخبراء يشكل ما نسبته 80 % من النشاط الزراعي في أية دولة من دول العالم!
أغلب الظن أننا لا نأتي بجديد بإشارتنا إلى وفرة إنتاجنا الزراعي المحلي، إلا أن اللافت في هذا السياق هو أننا ما زلنا ننتج للاستهلاك المحلي وليس للتصدير والاستهلاك الخارجي، بمعنى أن المنتِج المحلي لدينا لا يراعي أذواق المستهلكين في الخارج، فإنتاج زيت الزيتون الذي نحن بصدد الحديث عنه يحتوي على نسبة عالية من الأسيد، ويعبّأ بعبوات تقليدية لا تتناسب ومتطلبات الاستهلاك الخارجي وما يتطلبه من مواصفات قياسية!
وإذا ما علمنا أن متوسط إنتاجنا من الزيتون نحو 1.100.000 طن سنوياً، ومن زيت الزيتون 275 ألف طن، فإننا يمكن أن نتصور أهمية الحاجة إلى أسواق جديدة لدعم الإنتاج والاستمرار به، وهذا لا يتأتى إلا من خلال شركات تسويق متخصصة في هذا المجال، لديها خبرات واسعة في عمليات التوضيب والتغليف التي تعطي المنتَج قيمة مضافة!.