اقتصادصحيفة البعث

الموارد الفكرية والبشرية.. فرص محدودة وهجرة تعرقل النجاح المؤسساتي

دمشق – البعث

لم تتوقف حركة الموارد البشرية والخبيرة نحو الخارج، فقد تمّ الاستيلاء على نسبة كبيرة من الثروة البشرية السورية واستقطابها إلى خارج الحدود، كما جعل استمرار نزيف الهجرة للكفاءات البشرية الشابة المؤسسات شبه خاوية من العنصر البشري الفعّال، حيث تكثر التساؤلات حول حقيقة الفرصة المتاحة لها في بلدها، إلى جانب إشارات استفهام عديدة حول ما تمّ على صعيد الاستثمار الأمثل لهذه الكفاءات الفكرية والبشرية، وبما يحول دون بحثها عن الفرص خارج الحدود.

الباحث في العلوم الإدارية، الدكتور هاني الحاج، أشار إلى الواقع الذي فرضته الهجرة على كافة القطاعات وخاصة المؤسساتي الوظيفي، حيث بيّن مواقع الخلل التي تركت الكثير من التداعيات على مستقبل الشباب، وخاصة لجهة ابتعاد فرص العمل الموجودة اليوم عن متطلبات السوق السورية وغياب القوانين المناسبة للتنمية الإدارية التي تساعد على توظيف موارد الدولة بالشكل الأمثل، إلى جانب عدم توظيف العامل البشري بالشكل المناسب نتيجة البيروقراطية والمحسوبية، وغياب الفكر الإداري والاستثمار الصحيح للمورد الأكبر، أدّى إلى تراجع وغياب الحالة الصحيحة في العمل.

وأضاف الحاج بأن القطاعات الخدمية يقتصر عملها اليوم على تطبيق الإجراءات الإدارية اليومية ما يخلق خللاً حقيقياً في الإدارة، لأن الإدارة العليا لا تملك الإستراتيجية التنموية الصحيحة نتيجة إلغاء دور الآخرين، ورأى أنه لتحقيق إدارة سليمة لموارد الدولة المتاحة، وخاصة العامل البشري والفكري، يجب القيام بعدد من الخطوات، من أبرزها حصر الموارد الموجودة في الدولة، وفي مقدمتها  العامل البشري والفكري ودراسة الأولويات والاحتياجات وترتيبها من الأهم إلى الأقل أهمية، وتخفيف القيود على التشريعات الموجودة التي تسبّب عائقاً أمام التنمية الصحيحة لأنها منفرة للاستثمار نظراً للعوائق الموجودة بين طياتها، إضافة إلى التخطيط السليم لإدارة الموارد والمؤسّسات من قبل الخبرات الإدارية والابتعاد عن  المحسوبية، لما فيها من أثر سلبي على قطاع التنمية، وإيجاد صيغ تشاركيه بين القطاع العام والخاص أو الخارجي من الدول وتوظيف الفكر والعنصر البشري بالشكل الأمثل من خلال اختيار قيادات تملك الإرادة الحقيقية للإصلاح والإعمار في كل القطاعات، وضرورة وجود معايير دقيقة لاختيار هذه القيادات.

الباحث الاقتصادي عبد الهادي صيموعة تحدث عن دور العامل البشري في التنمية والاستثمار، ووجوب تغيير طريقة تفكير الإدارات بشأن الموظف التي تعتبره جندياً بين حجارة الشطرنج يتمّ الاستغناء عنه متى شاءت، علماً أن هذا الموظف قد يكون درعاً حصيناً لأهم حجر في الرقعة بشرط توجيهه وقيادته بالشكل الأمثل، لأن أغلب الإدارات لا يعطي الموظف الحرية الإيجابية ويعتبرونه تكلفة وعبئاً على المؤسسة يجب الاستغناء عنه بأول فرصة متاحة، ويخشون من تطويره وتدريبه خوفاً من عدم استمراره وقيامه بالانتقال إلى فرصة عمل أفضل، لأنه لو تمّ اتباع سياسة التطوير المستمر، بالإضافة للتحفيز عبر الإنتاجية والفعالية العالية للموظفين واتباع نظام الحوافز المستمر والمكافأة، فسوف نحافظ على الموظفين. ولفت صيموعة إلى أن الكون لا ينتهي في حال الخطأ في العمل، مشيراً إلى ضرورة تصحيح الأخطاء عند فشل الإدارة وتلافيها وتصحيحها قبل تفاقمها كي لا تؤثر على جوانب العمل المختلفة، والسعي إلى التميز لأن المميّز دائماً يسعى للتميز على سبيل المثال: عندما تعامل الإدارة موظفيها على أنهم فاعلون فإنهم سيجتهدون للحفاظ على هذه الفعالية عبر شعار “النجاح يتطلب تحقيق ما يتوقعه الآخرون والتميز وجوب إنجاز ما لا يتوقعونه”.

ويختم الباحث الاقتصادي بالتأكيد على أن الإنسان أهم عنصر في صناعة التنمية وإعادة الإعمار، لأن الإنسان هو الخامة الحقيقية لأي عملية تنمية واستثمار وإعمار، ويرى أن سورية قادمة في المرحلة المقبلة على انفتاح اقتصادي كبير وبتواتر سريع بهدف إعادة الإعمار، ولكي تتميّز المؤسسات الاقتصادية المحلية يجب الاهتمام بالموارد الفكرية والبشرية لأنها مفتاح النجاح لأي مؤسسة.