ثقافةصحيفة البعث

“صالون الشباب الثقافي” نافذة لشحذ الملكات وتصحيح المسار

أمينة عباس

تحوّلت جلسات “صالون الشباب الثقافي” الذي أطلقه المركز الثقافي العربي في “أبو رمانة” منذ أكثر من عام إلى نافذة يرتادها شباب من أصحاب المواهب فيطلّون من خلاله للتعبير عن ملَكاتهم في الكتابة بمختلف الأجناس الأدبية، يقول مدير المركز الأستاذ عمار بقلة: “كنتُ حريصاً منذ استلامي إدارة المركز على استقطاب الفئة الشابة المبدعة وإتاحة الفرصة لها للمشاركة وارتياد المنبر للتعريف بمواهبهم في أجناس أدبية متعددة، من خلال عقد جلسة في كل شهر، وقد حفلت جلسته الأخيرة بمشاركات متنوعة من قبل هؤلاء الشباب الذين يخطون خطواتهم الأولى في عالم الكتابة ليعتلي فيها أصحاب المواهب منبر المركز للتعريف بما أنجزوه على صعيد الكتابة، وفي كل جلسة ندعو إحدى الفرق الشبابية الثقافية الموجودة، وهي كثيرة، كـ”رابطة أدباء شباب سورية” وفريق “مائة كاتب وكاتب”، انطلاقاً من إيماننا ببقاء أبواب “الصالون” مفتوحة لكل الشباب الذين يمتلكون مواهب تستحق الاهتمام”، ويضيف: “نحرص على صقل موهبتهم باستضافة شخصيات أدبيّة كبيرة لتوجيه البوصلة وتصحيح المسار في كتاباتهم، خاصة وأن عدداً كبيراً من شبابنا يمتلكون الموهبة التي تحتاج لمدّ يد العون لها لتتبلور، لذلك يقع اختيارنا بين فترة وفترة على استضافة إحدى الشخصيات الأدبية والثقافية للاستماع إلى ما تقدمه وإبداء الملاحظات التي من شأنها تشذيب هذه الكتابات والارتقاء بها لتكون نصوصاً إبداعية مكتملة”.
ويحدثنا الشاعر الدكتور أسامة الحمود الذي أشرف على جلسة جديدة من جلسات “الصالون”، عقدت مؤخراً، واستمع إلى ما خطّته أقلام هؤلاء المبدعين: “وزارة الثقافة ومديريتها في دمشق وكذلك اتحاد الكتَّاب العرب تعمَّدوا احتضان المواهب وتقديم كل ما يلزم لها، وأصبح الصالون الشبابي طقساً أدبياً وضعت الخطط له بهدف توجيههم في كل المراحل التي يمرون بها وإتاحة المنبر لهم لأنّ علاقة الموهوب معه علاقة عضوية، وهو ما يجب الاهتمام به بالصورة المطلوبة”، ويستطرد: “يمكن أن تكون البوصلة غائبة عن هؤلاء أصحاب المواهب في كتاباتهم الشعرية والنثرية، فتكون الجلسات فرصة لتهذيب تجاربهم بما يفيد مسيرتهم، وأؤكد أن هناك الكثير من المواهب الشابة التي تستحق الرعاية والاهتمام، ومثل هذه الصالونات الشبابية الثقافية لها أهمية كبيرة في الارتقاء بها، وهي التي خرَّجت الكثير من الأصوات التي ترفع لها القبعة، والمفيد أن القائمين على الأمور على اختلاف مؤسساتهم يهيئون الكثير من الخبرات التي يمكن أن تخدم هذا التوجه من الموهوبين الشباب، فنجد في كل صالون شخصيات ضليعة في الأدب والثقافة ومختصّين يحرصون على تقديم كل التوجيهات والمساعدة، ولأن ليس الموهوب وحده هو المستفيد من هكذا صالونات بل نحن جميعاً بات استمرارها مبرراً وطرق الاستقطاب مختلفة، بعضها يكون بمجهودات فردية، وأخرى بفكر مؤسساتي، لكن هناك بعض الموهوبين استقطبوا أقرانهم، والنتائج تخضع لفرز بعض الأصوات المميزة، ويمكن إقحامهم على المنابر الثقافية مع أسماء معروفة، وهو إنجاز بالنسبة للشباب، في الوقت الذي يتمّ فيه العمل على صقل الفئة الأخرى لتهيئتها لذلك”.
وبعد الاستماع إلى عدد من الأصوات الشعرية والقصصية من المشاركين توجه الحمود إليهم قائلاً: “للكتابة مقومات ثلاثة: المبنى، المعنى، جماليات النص، والمبنى يكون بتحديد هوية الجنس الأدبي الذي سيكتب به أصحاب الموهبة وفق أسس واضحة لكل نوع من الأجناس الأدبية، والتفريق في الشعر بين الكتابة والنظم فلا يكفي له أن يعرف بحور الشعر والجوازات والدلالات، مع غياب الأخطاء اللغوية أو العروضية، لكي نشعر بمذاق عذب للشعر، أما الحديث عن قصيدة النثر فلا بد من القول إنها ليست بالبساطة التي يعتقدها بعضهم، فهي تعتمد على مقومات تتجلّى بالوحدة الموضوعية والتكثيفات اللازمة والرمز الذي يعدّ مصطلحاً إشكالياً ما بين من يرى إمكانية إقحام الرموز للمتلقي في مفصل من مفاصلها لسماع شعر نخبوي مع التوغّل في الرمزية إلى درجة لا يستطيع المتلقي فيها فهمها، وبين شعر يشبه ما كتبه نزار قباني بأسلوبه البسيط في طرح الفكرة وإتاحة المجال للمتلقي لتفكيك الرموز وفهمها بالصورة المرادة لها، فكتب مارون عبود رسالة إليه يقول فيها: “الشعر رقص، والرقص غناء، فارقص كي نصفِّق لك”، والسبب خروجه عن بحور الفراهيدي باتجاه شكل شعري لم يكن مألوفاً حينها”.
وفي ختام حديثه، يبيّن الحمود كلامه أن جماليات النص تأتي بالخبرة والقراءة التي تفتح أفقاً وتقدم فائدة تلقائية، كذلك من خلال طرح ما يريده والابتعاد عن التقليدية، فلا يلبس عباءة أحد أو يتقمَّص شخصية أيّ شاعر أو بالطريقة نفسها بسعيه الدائم إلى بناء شخصية متفردة به.
ولم يتردّد أحمد الحسن الذي يحاول خط طريقه لعالم الشعر بالانضمام إلى الصالون منذ تأسيسه، يقول: “أكتب الشعر الموزون والعمودي، ووجدتُ الاهتمام والرعاية في هذا الصالون الذي ساهم بتطوري من خلال وجود أساتذة كبار ساعدت نصائحهم في الارتقاء بموهبتي، لذلك أشعر بالانتماء الكبير إلى هذا الصالون الأدبي”.
كما تبيّن الأستاذة منى فليون نائبة رئيس مجلس إدارة “رابطة أدباء شباب سورية”: “لأن كل موهبة بحاجة إلى احتضان ورعاية لتنمو تتكامل جهود الصالون الشبابي الثقافي مع الرابطة والملتقيات والفرق الشبابية الأخرى لاحتضان المواهب الأدبية الشابة، ويحرص أعضاء الرابطة على الوجود ضمن فعاليات هذا الصالون الذي يتيح فرصة الاحتكاك وتلاقح الأفكار بين أصحاب المواهب”.