دراساتصحيفة البعث

الحرب على غزة.. أخفقت وفقدت غايتها

د. معن منيف سليمان

أخفقت الحرب الهمجية التي يشنّها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة وفقدت غايتها، حيث سقطت جميع النظريات والروايات التي يستند إليها الكيان الصهيوني في استمرار وجوده، وهو اليوم يخوضُ حرب استنزاف قد تقوده إلى حافة الانهيار والزوال.

لقد أثرت الحرب على مكانة الكيان الدولية المميّزة، فتغيّرت صورة “إسرائيل” في العالم بعدما انقلبت الصورة رأساً على عقب، وأصبحت الرواية الفلسطينية هي الرائجة. ورجع الكيان إلى الوراء لسنوات، حيث كان الموقف الدولي غير مستقرٍ والخوف والشكّ يسودان بشأن مستقبل الكيان.

ومع تصاعد عمليات المقاومة من كلّ الاتجاهات داخل فلسطين المحتلة وخارجها، وتزايد هجماتها والخسائر التي مني بها الجيش الإسرائيلي لكون الإخفاقات تطارد الجيش، فضلاً عن عوامل الانقسام والإرهاق وحالات الانتحار بين جنوده، كل ذلك يشير إلى أن كيان الاحتلال على حافة الانهيار.

وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة لإعادة بناء قوة الردع المتآكلة بعد هجوم السابع من تشرين الأول الماضي، أخفقت قيادة الاحتلال في تحقيق أهدافها، ورغم حجم الاستعراضات العسكرية والقوة الهائلة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، أخفق جيش الاحتلال في استعادة الردع الإسرائيلي، حيث لا تزال المقاومة إلى اليوم تقتل وتأسر والقذائف تنهال على مستوطنات وقواعد الكيان من غزة ولبنان واليمن والعراق. وكل يوم تعلن المقاومة الفلسطينية قتل وإصابة جنود إسرائيليين وتدمير آليات عسكرية في القطاع، وتطلق الصواريخ من حين إلى آخر وتبثّ مقاطع مصورة توثق بعض عملياتها.

وأدى سقوط نظرية الأمن الإسرائيلي التي وضعها “بن غوريون” إلى حدوث خلل كبير في حماية الكيان بعد انهيار قواعد الأمن الثلاثة: أولها الردع الشديد، لإخافة أية دولة تفكر في مهاجمة الكيان. وثانيها الإنذار المبكر الذي انهار مع تدمير أنظمة التجسّس والمراقبة التي تكشف أي هجوم محتمل. وثالثها الحسم السريع، حيث خاض الكيان عدة حروب مع العرب انتهت بسرعة خاطفة وحققت من خلالها نتائج كبيرة، ولكن اليوم قاربت الحرب على السنة ولم تتقدم خطوة واحدة ولا تزال نظرية الأمن الإسرائيلي تتآكل يوماً بعد يوم.

وعندما شنّ الكيان حربه الهمجية على قطاع غزة أعلن عن عدة أهداف أهمها: القضاء على المقاومة، واستعادة الأسرى الصهاينة، وإلى اليوم لا تزال المقاومة مستمرة وثابتة ولم تتأثر قدراتها، بل إنها نقلت ميدان المعركة إلى يافا “تل أبيب” والأراضي المحتلة داخل فلسطين، ولم يتمّ استعادة أي أسير إلا بشروط المقاومة. كما أن الكيان لا يزال يغرق في وحل غزة ويخسر مزيداً من الجنود، دون أية فرصة لتحقيق الهدف الرئيسي للحرب وهو القضاء على المقاومة.

ومع تحول “إسرائيل” إلى كيان منبوذ، بدأ الاقتصاد بالانهيار بسبب المقاطعة الاقتصادية وحظر شحنات الأسلحة، وقد كلفت الحرب الاقتصاد الإسرائيلي نحو 250 مليار شيكل، وخفضت وكالة “فيتش” التصنيف الإئتماني للكيان من / A مشيرة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية مع استمرار الحرب في غزة، وسط تهديدات بانتقالها إلى جبهات أخرى، وكانت وكالة “فيتش” قد أزالت الكيان من قائمة “مراقبة التصنيف السلبي” في نيسان الماضي على الرغم من المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية للحرب على غزة.

هذا التدهور الاقتصادي دفع أعداداً كبيرة من المستوطنين الصهاينة إلى الهجرة خارج الكيان، وتصاعدت عملية الهجرة العكسية من الكيان، حيث أكدت إحصائيات أن عدد الذين غادروا الكيان بلغ ما بين 600 ألف- 1.000000 مليون مستوطن، وهذا يشير إلى أن الكيان قد وصل فعلاً إلى نقطة اللاعودة.

ومنذ ثلاثة أسابيع، يتأهب الكيان الإسرائيلي لردّ موجع من إيران وحزب الله على اغتيال قادة المقاومة، حيث يتجه الكيان نحو حافة الهاوية بسبب رعب الانتظار واستمرار حرب الاستنزاف، ويعيش المستوطنون بوضع مزرٍ للغاية، ولهذا قدّر اللواء المتقاعد في جيش الاحتلال “إسحاق بريك” أن انهيار الكيان خلال عام إذا استمرت حرب الاستنزاف مع المقاومة في فلسطين ولبنان بعد أن فقدت الحرب هدفها.