فصل الساحات.. رهان فاشل
سنان حسن
في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات الماراثونية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، وإنهاء العدوان الصهيوني المتواصل على القطاع منذ أكثر من عشرة أشهر، شن كيان الاحتلال عملية واسعة ومسعورة ضد المدن والبلدات في الضفة الغربية، مستهدفاً البشر والحجر والشجر ومدمراً كل البنية التحتية فيها، ما أثار الكثير من التساؤلات حول الأهداف والغايات من هذه العملية والتوقيت، هل هذا يخدم مسار المفاوضات أم إطلاقها يهدف إلى نسفها، ومواصلة الحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني؟
ليس بجديد الحديث عن أطماع “إسرائيل” في الضفة الغربية، فيهودا والسامرة في المعتقدات التلمودية الصهيونية هي الأساس والمنطلق لتأسيس الدولة المزعومة، وبالتالي كل الحديث عن سلام وحق فلسطيني في إقامة الدولة هو ضرب من الخيال لدى الصهاينة، وما جرى بعد اتفاق أوسلو من عمليات، ونقض للاتفاق، وعدم تسليم المناطق للسلطة الفلسطينية مثال على ذلك.
واليوم وفي ظل العدوان المتواصل على القطاع منذ أكثر من عشرة أشهر، يجد المسؤولون الإسرائيليون في الانقضاض على الضفة في هذا التوقيت فرصة سانحة لإفراغها من قاطنيها وتهجير أهلها، فكثفوا عمليات الاستيطان والاعتقالات والمداهمات وتدمير البنية التحتية بكل الوسائل الممكنة، وسمحوا باستخدام سلاح الجو والمسير لملاحقة أي مقاوم لا تطاله قواتهم البرية، بهدف الوصول إلى الهدف، وهو تحويل الضفة إلى منطقة يهودية خالصة تسمح بتطبيق تعاليمهم التلمودية الصهيونية، ولكن يبقى السؤال لماذا الآن؟
لا يمكن فصل ما يجري في غزة عن الأوضاع في الضفة، فوحدة الساحات التي أطلقتها المقاومة منذ الاعتداء على المسجد الأقصى والقدس المحتلة، دفع الاحتلال إلى العمل على فصل الساحات ومنع أي لقاء بين غزة والضفة، واليوم وفي ظل العدوان على غزة، كانت الفرصة، برأي القادة الإسرائيليين مواتية، فالمقاومة في غزة منشغلة بمواجهته، وهي ليست بوضع يسمح لها بتنفيذ عمليات مباشرة على غرار ما حدث في عملية “ثأر الأحرار” بعد الاعتداء على حي الشيخ جراح مثلاً، كما أن شن عملية في الضفة برأيها سيشكل ضغطاً إضافياً على فصائل المقاومة للقبول بالطروحات الأمريكية في المفاوضات، وبالتالي تحويل فشلها في السابع من تشرين الأول في بداية معركة الطوفان إلى انتصار كبير، كما أن الوسطاء يهمهم الآن التوصل لاتفاق في غزة.
إن المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها تعي وتدرك المخططات الصهيونية لتفكيك الساحات والاستفراد بكل ساحة على حدة، وإنهاء العمل المقاوم فيها، وهذا ما بدا في تصريحات قادة المقاومة بعد بدء العملية الوحشية في مدن وبلدات الضفة، مؤكدين أن المقاومة جاهزة للرد ولن ينال منها ما يقوم به الاحتلال، وأن ما يجري في الضفة لن يغير في موقفها التفاوضي بالحفاظ على كامل حقوق الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وغزة، وأن كل مخططات الاحتلال ستزول أمام عزيمة وإصرار المقاومين في كل الساحات حتى دحر المحتل عن أرض فلسطين من البحر إلى النهر.