استبعاد الفقراء وأصحاب الدخول المنخفضة من التحصيل الضريبي ضرورة لتحفيز الاستثمار والإنتاج
دمشق- المحرر الاقتصادي
مساعٍ وخطوات متتالية تتسارع من أجل إصلاح النظام الضريبي الذي رغم وضوح مكامن الضعف فيه، إلا أنه مازال غير واضح وبعيداً عن التنفيذ ضمن سياسية ضريبية تقوم على ربط الإصلاحات بالسياسات المالية اقتصادياً، من خلال تكريس العدالة الضريبية بتبسيط النظام الضريبي، واستبعاد الفقراء وأصحاب الدخول المنخفضة من العبء الضريبي، وتوسيع الأوعية الضريبية وترشيد معدلات الضريبة والانسجام والتناسق بين الأدوات والمفاهيم الضريبية، مع استبعاد العامل البشري باعتماد التقني. وطبعاً ما حصل ويحصل في هذا الملفّ ليس ببعيد عن هذه الخطوات لكنها بطيئة وتنحرف باتجاه الثبات في الخطوات الإجرائية لجهة تعديل الأنظمة والقوانين وعدم الانتقال أو التأخير في المراحل الانتقالية الأخرى في مسار الإصلاح الضريبي.
وما يثير المخاوف أن اجتهاد المؤسّسات المالية المختلفة لإقناع المكلّف بأن الضريبة من العوامل الضامنة لاستمرار نشاطه الاقتصادي والتجاري لاعتبارات تتعلق بأنها – أي الضرائب – مورد أساسي من الموارد المالية، لم يحقق تقدماً ملحوظاً، ومازالت الضريبة في اعتبارات الناس عبئاً مالياً على المكلفين الذين لا يتوانون عن التهرّب بأي طريقة من الضرائب التي هي أداة رئيسية من أدوات السياسة المالية، تستخدمها الحكومة لتعبئة الفوائض الاقتصادية العامة والخاصة لتمويل التنمية والتأثير على الاستثمار والإنتاج والاستهلاك والادخار والتشغيل.
الخبير الاقتصادي محمد أبو عاكف حدّد الأهداف التنموية للسياسة الضريبية بثلاثة أهداف: أولها مالي ينصبّ على تعبئة الإيرادات لتمويل الإنفاق العام والإنفاق التنموي، والثاني اقتصادي يصبو إلى تحقيق توجهات التنمية عبر الاستثمار العام والخاص، أما الثالث فهو اجتماعي له علاقة بإعادة توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع لتخفيف حدة التمايزات الاجتماعية من خلال تشجيع الادخار والاستهلاك، الأمر الذي كان ينبغي فيه على الحكومات السابقة أثناء الأزمة استخدام الضريبة لتحقيق أهداف اجتماعية بتحرير مداخيل الفئات الأقل دخلاً من الضريبة.
ولا شكّ أن تحقيق العدالة الضريبية ضرورة لتحفيز الاستثمار والإنتاج لتزيد الحصيلة وتُخفض نسبة التهرب الضريبي، على أن تُستخدم الضرائب بصيغ نسبية وليست دائمة مع تخفيض الضرائب لتشجيع الطلب وتحفيز الإنتاج، وهي ركيزة أساسية بيد الحكومة لتوجيه الاستثمار الخاص تنموياً إلى القطاعات المحدّدة والمرغوبة حكومياً، باستخدام المحفزات والتسهيلات الضريبية، بحيث يتمّ منح مزايا أكثر جاذبية في هذه القطاعات تفضي إلى تخفيض كلف الإنتاج، وهذا الأمر يأتي ضمن سياق الآثار التنموية للضرائب.
وفي المقابل، يرى أبو عاكف أن التهرب الضريبي عائق تنموي،كونه يقوم عادة على نمط من السياسات الاقتصادية الليبرالية التي لا تحبّذ فرض ضرائب كبيرة على قطاع الأعمال وأصحاب الثروات، وأضاف أنه إذا كان حجم التهرّب الضريبي يُقدّر بـ 400 مليار ليرة فإن 70% منه لدى كبار المكلفين، وبالتالي هو عائق مالي واقتصادي أمام المهام التنموية، كونه يحرّر جزءاً مهماً من الإيرادات العامة لصالح منظومة الفساد المالي والاقتصادي، ويزيد عجز الموازنة والاقتراض الداخلي والتمويل بالعجز وكذلك التضخم، ويؤثر على تراجع الاستثمار العام وبالتالي انخفاض الدخل الوطني.