التحول الرقمي.. خطوات تصطدم بضعف البنية التحتية
دمشق- ميادة حسن
فرضت الحركة المتسارعة لتطور التحوّل الرقمي العالمي على معظم المجتمعات السعي لمواكبة كلّ جديد في هذا المجال، واللحاق بنظم عمل تتناسب مع المستقبل الرقمي للحكومات، لذلك كان لا بدّ من تحديث نظام الدفع في المصارف السورية، وضرورة تحسين خدماته والارتقاء بها، خاصة وأن أنظمة الدفع الإلكتروني في سورية تعتبر جزءاً من تطوير قطاع التجارة الإلكترونية، لكن يبدو أن هاجس البنك المركزي يكمن في مشكلة الثقافة الإلكترونية في مجتمعنا، والتي مازالت قيد الرفض من معظم الشرائح، وخاصة التجار الذين ينظرون إلى هذه العملية للدفع الإلكتروني على أنها مصيدة لسحب الأموال منهم وكشف المستور في دفاترهم الضريبية، على الرغم من ذلك فقد عمل مجلس النقد والتسليف منذ عام 2006 على دراسة تطبيق أول خطوات التقاس الإلكتروني عبر ربط الصرافات للمصارف السورية بمحولة واحدة، وبعدها في عام 2023 تمّ العمل ضمن خطة الحكومة ورئاسة مجلس الوزراء ومصرف سورية المركزي لربط شبكة الصرافات العامة والخاصة ونقاط البيع، بحيث يستطيع أي مواطن سحب مبلغ مالي ضمن الحدود المسموح بها.
الخبيرة الاقتصادية نور اللبابيدي تحدثت لـ “البعث” عن مشكلة عدم المعرفة الكافية لدى المواطن السوري بأهمية نشر عمليات الدفع والبدء بالتجارة الإلكترونية، كما ترفض معظم الشركات، الكبيرة منها والصغيرة، التعامل بطريقة الدفع الإلكتروني، ويمتنع الكثير من التجار عن ربط المبيعات إلكترونياً، وقد يكون ذلك بسبب المخاوف من التكاليف الضريبية. وبشكل عام، معظم المواطنين لا يدركون فائدة أنظمة الدفع الإلكتروني على مستوى المجتمع والاقتصاد ككل، حيث يكون نظام الدفع ذا تأثير كبير على استقرار الاقتصاد، وتعدّ نظم الدفع أحد أهم مكونات البنية التحتية اللازمة لعمل اقتصاد السوق، وهو وسيلة لتنفيذ السياسة النقدية بشكل سلس ودقيق.
وتضيف اللبابيدي بأن سعي البنك المركزي والحكومة لنظام التحول الرقمي في كافة المعاملات التجارية، عبر تشريعات وقوانين لتطبيق أنظمة الدفع، هو من أجل استقرار العملة المحلية وتقليل نسبة النقد المتداول وتوفير معلومات شاملة عن إدارة النقل، وإنجاز المعاملات ذات القيمة العالية والمنخفضة بسرعة وأمان وشفافية، والاستفادة منها من ناحية الدقة والكفاءة المصرفية المختلفة، إذ إن أهمية الدفع الالكتروني كبيرة على مستوى الاقتصاد، فالبطاقات المصرفية يمكنها تخفيض نفقات البنك المركزي من طباعة النقود الورقية.
وأشارت اللبابيدي إلى العديد من المعوقات التي تعيق تطبيق خطة الدفع الإلكتروني، وفي مقدمتها عدم وضوح ثقافة “التجارة الإلكترونية” بالنسبة للمواطن السوري، وأيضاً ارتفاع أسعار الموبايلات التي تشكل عائقاً لنسبة كبيرة من المجتمع، وهو من أهم الأدوات للتعامل بهذه الأنشطة الإلكترونية، بالإضافة إلى المشكلات التقنية المتعلقة بشبكة الانترنت وتعطل المواقع الكترونية، ما يسبّب صعوبة بالمعاملات وتأخر أصحابها في أعمالهم، ومؤخراً في سورية تحوّلت عملية الدفع الإلكتروني إلى مهنة عند بعض المواطنين من خلال دفع فواتير لأشخاص يجهلون آلية الدفع الإلكتروني، أو لديهم مشكلات تقنية متعلقة بالاتصال مستفيدين من عمولات كبيرة مقابل تسهيل الدفع الإلكتروني، وعلى الرغم من العمل على الحدّ من هذه الظاهرة التي تعتبر نشاطاً غير شرعي، إلا أنها مازالت موجودة وبكثرة، علماً أن أنظمة الدفع متوفرة للجميع بشكل متاح ومخفض التكاليف، وأن ضعف البنية التحتية للاتصالات لن تسمح بمواكبة التطورات التقنية للمعلومات والتي تشمل أمن الشبكة المعلوماتية وسرعة نقل البيانات.