السلطة التشريعية وأدوات الإنجاز
بشار محي الدين المحمد
بعد أن أعاد السيد الرئيس بشار الأسد تأطير وظيفة الحزب في رسم السياسات العامة دون الدخول في تفاصيل عمل السلطة التنفيذية، يعود اليوم في خطابه أمام مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع إلى الموضوع ذاته على صعيد السلطة التشريعية التي عليها أن تبحث في السياسات المناسبة للزمان والمكان والوضع الاقتصادي والسياسي ليس فقط داخلياً، بل إقليمياً ودولياً في ظل ما نشهده من صراع محموم تقوده كيانات الغرب، ومجمعاته العسكرية المتعطشة للدمار ومؤسساته المالية المتوحشة التي تسير وفق المقولة الفاسدة “أنا أربح، وأنت تخسر”، ضد قوى الاستقرار والنماء في العالم التي خطت نهجاً ناجحاً ضمن معادلة “ناجح ناجح” لجميع أطراف العلاقات الدولية، ولا سيما أن سورية أبرز ساحات ذلك الصراع، وأقوى قلعة من قلاع كسر مؤامراته وحروبه الهجينة.
في خطاب سيادته، انطلق من عدة بنود هامة لتنظيم عمل السلطة التشريعية ونجاحها في ممارسة مهامها بالتعاون مع السلطة التنفيذية، وذلك عبر تحديد الدور المطلوب منها إبان عمل السلطة التنفيذية.
ومن تلك البنود فيما يخص الحصانة توضيح مفهومها في أنها ضمانة لعضو المجلس لكي يقوم بمهامه، والسمو في ذلك المفهوم في أن لا يستخدمها العضو للتعالي على القانون ومؤسساته لا لشيء، بل لأنه وبالدرجة الأولى هو من يضع هذه القوانين ويفترض به من باب أولى احترام ما سنّه منها قبل غيره وقدوةً لهم في دولة المؤسسات.
لقد دعا سيادته المجلس في ظل اختياره لسياسات العمل أن يقوم قبل الإقرار والموافقة على أي مقترح من السلطة التنفيذية، مهما كان برّاقاً، بالتأكد من توفر الأدوات التي تضمن حسن التنفيذ، والتحلي بالواقعية بدلاً من أن نكون أمام حالة من هدر الوقت، أو الهروب إلى الأمام، من خلال إعادة إقحام أنفسنا بمشاريع تفتقر إلى مظلة تضمن حسن التنفيذ وقطف القيم المضافة.
وبالانتقال إلى بند آخر من مروحة الإجراءات والآليات التي أضاء عليها الرئيس الأسد في خطابه، لا بد من التركيز على بلورة مفهوم ممارسة وظيفة الرقابة من المجلس عبر ربطها بالمحاسبة، وبناء المحاسبة أيضاً على آليات محددة، مع ربطها بالمسؤولية حتى لا نكون بالمحصلة أمام آليات هدّامة تنحرف عمّا هو مخطط لها في رحلة الانتقال من الأداء إلى الإنجاز والتميز، وفقاً للمبادئ الدستورية الضامنة لحيز كل سلطة من سلطات الدولة دون إساءة استعمالها، وبما يضمن الفصل، ولكن المرن، للسلطات، وإرساء التوازن فيما بينهما بما يكفل بعدم طغيان إحداها على الأخرى.
إن الالتزام بهذه الصورة الجديدة التي حدد معالمها سيادته بما تحمله من ضمانات وآليات هو السبيل لإيجاد حوامل تنفيذية تكفل نجاح كل المخططات والمشاريع، وترجمتها إلى برامج ومراحل تنقل البلاد من مشاريع متدرجة لا تكفل مجرّد الحصول على الدخل، بل ساعية إلى تطوير الاقتصاد برمته إلى اقتصاد ناجح مؤدٍّ لأهداف الدولة في رعاية مصالح الأفراد وضمان رفاههم، بالانتقال من الأداء إلى الإنجاز المتميز لكل مشروعاتنا الاقتصادية.