صحيفة البعثمحليات

“لا مين شاف ولا مين دري”!!

غسان فطوم 

تناقلت وسائل الإعلام الوطنية منذ يومين “ملف فساد جديد في مشفى حلب الجامعي أبطاله مجموعة من العاملين والمتعهدين، وتُقدّر قيمته المبدئية بأكثر من مليار ليرة سورية”، الأمر الذي يوحي بأن مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة ما زالت دون المطلوب قياساً بالوعود والتوقعات، فالفاسدون مستمرون في نهب المال العام دون خوف نتيجة غياب إجراءات المحاسبة الرادعة! وعلى خلفية الخبر المذكور الذي “مثله مثايل” في بعض المؤسسات الأخرى، ليس مقبولاً أن يستمر الفساد في استنزاف اقتصادنا المثقل بالكثير من المشكلات المزمنة!  

هنا ثمّة أسئلة كثيرة يمكن طرحها، أبرزها: لماذا تأخرت ولادة مشروع هيئة مكافحة الفساد في ظلّ وجود رغبة رسمية ومجتمعية واسعة لحماية البلد من هذه الآفة والوقاية منها على أضعف تقدير؟! نحن لا ننكر أن الجهات المختصة قامت بوضع يدها على أكثر من ملف فساد واستردّت الكثير من الأموال المنهوبة، لكن من حقنا أن يسأل أيضاً: ما الذي يمنع تعزيز الشفافية في كشف خفايا وكواليس الفساد، ومنع الإفلات من العقاب للفاسدين الكبار؟!  

الواضح أن هناك ثغرات قانونية يستغلها الفاسدون و”يضربون ضربتهم ولا مين شاف ولا مين دري”، الأمر الذي يتطلّب اتخاذ إجراءات سريعة لملء الفجوات والثغرات في النصوص القديمة، وإصدار أخرى جديدة تتمتّع بالقوة الضاربة، وإلا ستستمر علل الفساد، وقد نخسر الرهان على مشروع الإصلاح الإداري، والأخطر أن تنعدم ثقة الشارع بأداء مؤسّساتنا على اختلاف مستوياتها ومسمّياتها، وهذا ما لا نريده، ونحن في مرحلة إعادة هيكلة المؤسسات لتكون أكثر رشاقة وشفافية وإنتاجية في عملها.

بالمختصر، مأسسة سياسات مكافحة الفساد باتت حاجة ملحّة، وهذا إجراء معمول به في غالبية دول العالم، لذا نعود ونسأل: لماذا التأخير في إحداث هيئة مكافحة الفساد وإعطائها الصلاحيات المناسبة التي تمكنها من ممارسة مهامها في تطويق حالات الفساد بشتى أنواعه؟! 

هامش: السيد الرئيس بشار الأسد أثناء ترؤسه اجتماعاً وزارياً، عام 2020، قال مخاطباً أعضاء الحكومة فيما يخصّ مكافحة الفساد: “أتمنى منكم أن تكونوا فاعلين في ملاحقة الفساد وليس منفعلين.. إيجابيين وليس سلبيين”، لافتاً إلى أهمية دور الإعلام في التصدّي لقضايا الفساد من خلال نشر التحقيقات والوثائق من أجل قطع الطريق على الإشاعات.

كلنا أمل أن يُفتح ملف الفساد بقوة مع الحكومة المنتظرة، وأن يكون من ضمن أولوياتها، من خلال وضع رؤية واضحة للارتقاء بمستوى العمل الرقابي الفعلي واعتماد ضوابط ومعايير كفيلة بردع الفاسدين وعديمي الأخلاق والضمير الوطني.