بالقرارات والتعاميم “فقط”.. لا تحل مشاكل الحمضيات!!
اللاذقية – مروان حويجة
لا تكفي تعاميم وتأكيدات الحفاظ على شجرة الحمضيات من القلع، أو استبدالها بأشجار ومزروعات أخرى، لحلّ المشاكل الكثيرة العالقة التي لا تزال تلازم محصول الحمضيات منذ سنوات طويلة، سواء إنتاجية أم تسويقية أم سعرية، وغيرها من مشكلات وعقبات؛ ويفترض المنطق أن تتلازم التعاميم المتجددة والمتكررة الهادفة للمحافظة على المساحات المزروعة بالحمضيات، وضمان استدامتها كمحصول استراتيجي على مستوى المنطقة، مع تخليص هذا المحصول من العقبات والصعاب التي باتت عبئاً ثقيلاً على المزارعين والمنتجين، وهذا ما يتطلب إجراءات أكثر فاعلية في تقديم كافة أشكال الدعم للمحصول وللمزارعين، فاستدامة المحصول تستوجب استدامة الخطط والبرامج والإجراءات، وإخراجها من الموسمية التي تجعل المعالجة جزئية ونسبية، وغير مكتملة، وهذه يتحمّل تبعاتها ومنعكساتها المزارع والمنتج والمستهلك معاً. ولذلك فإنّ تعاميم وقرارات التأكيد على الحفاظ على هذه الشجرة، تثير تساؤلات وإشارات تعجبّ كثيرة من المزارعين عن الدعم الذي يتمّ تقديمه لمحصول الحمضيات، ومدى كفاية هذا الدعم بالحدّ الأدنى، بالمقارنة مع النقص الواضح في توفير مياه الريّ، والغلاء الكبير في أسعار الأسمدة، حيث يصل سعر كيس السماد إلى حوالي نصف مليون ليرة، وأجرة حراثة الدونم الواحد أكثر من مائة ألف ليرة، أما دعم المازوت فلايزال خجولاً ومتواضعاً، هذا غير أجور الخدمة الزراعية والنقل والعبوة والتسويق، فيما متوسط سعر كيلو الحمضيات من ١٥٠٠ إلى ٢٠٠٠ ليرة.
ورأى بعض المزارعين، أنّه في ظلّ حجم الصعوبات التي تواجه زراعة الحمضيات، وعدم معالجتها بالشكل الكلي المطلوب، وفي ظلّ الخيبات التسويقية والتكاليف الإنتاجية العالية، فإن هناك زراعات أكثر جدوى للمزارع ، كالزيتون والتين والعنب والتفاح، وهذه محاصيل غذائية استراتيجية، بعضها يمكن حفظه وتجفيفه و لا يحتاج إلى كهرباء، و كذلك الفواكهة الصيفية كالرمان والأكدينيا والتوت وغيرها، ناهيك عن أنّ مزارع الحمضيات لا يزال يعاني من التجّار والسماسرة الذين يتحكمون بالأسعار وبمجمل الحلقات التسويقية.
ويؤكد مزارعون أنّ المردود لو كان جيّداً، أو حتى بحدود الوسط، فإنهم الأحرص على المحصول، وسيحافظون – حتماً – على مصدر رزقهم، ولا حاجة بالمطلق لأية نصائح للحفاظ على زراعاتهم، ولكنهم أمام الخسائر المتكررة سيبحثون عن خيارات تحقّق لهم مردوداً أفصل، ليس أقلها الأسعار التي تغطي التكاليف وتقديم الدعم المدروس الذي يغطّي مجمل حلقات العملية الإنتاجية والتسويقية.
ولأنّ المعالجة لن تجدي نفعاً، إن لم تكن دائمة ونهائية، لئلا تتكرر السيناريوهات التسويقية نفسها في كل موسم، بما فيها من أعباء وتكاليف وصعاب – هذا إذا لم تحصل أضرار زراعية عارضة وطارئة تتعلق بالظروف والعوامل الجوية، وغيرها من تحديات تواجه محصول الحمضيات، كانت توصية مجلس محافظة اللاذقية، بالإجماع، في إحدى جلسات العام الحالي، بتسمية محصول الحمضيات بالمحصول الاستراتيجي، نظراً لأهميته للغالبية العظمى من مزارعي الحمضيات، وقد تمّ تسطير كتاب بهذا الخصوص من رئيس مجلس المحافظة، المهندس تيسير حبيب، كون الحمضيات المحصول الرئيسي الذي يعمل به أهالي المحافظة، ولكي يستفيد المزارعون من التسهيلات والتخفيضات في أسعار المستلزمات الزراعية، من أسمدة وغيرها. ولأجل دعم التدخل الإيجابي في العملية التسويقية، تمّت التوصية بتكليف المؤسسة السورية للتجارة باستجرار منتج المزارع من محصول الحمضيات بكامل الكمية المنتجة بغض النظر عن “التصنيف”. وبهدف دعم تمويل الإنتاج الزراعي، رفع المجلس توصية بشأن منح المزارعين قروضاً طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل لدعم المحاصيل وتمويل المستلزمات بفوائد رمزيّة، أو معفاة من الفوائد، بما يسهم في دعم الزراعة والمزارعين، وهناك متطلبات وأعباء تلقي بظلالها على الحمضيات كغيرها من الزراعات والأشجار المثمرة، ولاسيما في ظلّ هذه الظروف والمتغيرات والتكاليف الإنتاجية؛ وهذا ما أشار إليه رئيس دائرة الأشجار المثمرة في مديرية زراعة اللاذقية المهندس عمران إبراهيم، مؤكداً اتخاذ الإجراءات والخدمات التي تسهم في استقرار زراعة الحمضيات على مساحات واسعة، ولفت إلى تأثير تكاليف الإنتاج والمستلزمات على قدرة المزارع في تقديم كافة العمليات والخدمات الزراعية والاحتياجات من المواد الزراعية، بالشكل الأمثل، كالأسمدة و المحروقات و ارتفاع أسعارها، وتأمينها في الوقت المناسب، وفي موازاة ذلك يتم تقديم كل الخدمات الإرشادية والفنيّة للعملية الزراعية، وتقديم الكثير من الخدمات الزراعية المزارعين، من شتول وغراس ذات جودة ووثوقية، ومكافحة حيوية ونصائح إرشادية ومرشّات وغيرها من خدمات، تنعكس كلها على الجودة والنوعية ونظافة الثمار ، وعلى الإنتاجية بشكل عام .