هل يتسبب الناخبون العرب والمسلمون في خسارة هاريس؟
د. معن منيف سليمان
بات من الواجب على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس لانتخابات الرئاسة الأمريكية كسب صوت العرب والمسلمين في الحزب الديمقراطي الأمريكي، الذين يملكون صوتاً مؤثراً في ظلّ الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، والتي حصدت أرواح الآلاف وشردت مئات الآلاف من سكان القطاع، وامتدت شرارتها إلى كامل منطقة الشرق الأوسط، فهل يتسبّب هؤلاء، وهم الغاضبون من الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي، في خسارة هاريس والإطاحة في آمالها بالوصول إلى سدة الرئاسة؟.
كان الأمريكيون الذين ينحدرون من أصول عربية وإسلامية من الشرق الأوسط، والشمال الإفريقي قد انضموا إلى المعسكر الديمقراطي منذ اندلاع الحروب التي شنّتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في العراق ثم أفغانستان، ولكن وبسبب الحرب على غزة فقد أضعف دعم الرئيس الحالي جو بايدن للكيان الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة الانسجام العربي- الأمريكي، حيث يرى نحو ٧٠ بالمئة من هؤلاء الناخبين بأن الوضع في غزة يمثل أولويتهم الانتخابية الرئيسية، حسب استطلاع للرأي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية منتصف شهر أيار الماضي.
وبينما يميل بعض الأمريكيين من أصل عربي أو من المسلمين إلى دعم المرشح دونالد ترامب، يمكن أن يترجم تململ كثيرين حيال إدارة بايدن- هاريس من خلال امتناعهم عن التصويت في أثناء الانتخابات القادمة.
وتسعى مجموعة “مندوبون مسلمون” في الحزب الديمقراطي الأمريكي لاتخاذ خطوات من أجل الضغط لفرض حظر على الأسلحة المورّدة للكيان الإسرائيلي، وهم يعبّرون عن غضبهم من الدعم الأمريكي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وتطلق هذه المجموعة التي تضمّ عشرات الأشخاص المؤيدين للفلسطينيين على نفسها اسم “المندوبون ضد الإبادة الجماعية”، وتقول إنها تمارس حقوقها في حرية التعبير خلال الأحداث الرئيسية في المؤتمر الوطني الديمقراطي، وتهدف هذه المجموعة إلى دعم إنفاذ القوانين التي تحظر تقديم المساعدات العسكرية للأفراد أو قوات الأمن التي ترتكب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وتعدّ هذه المجموعة نفسها أنها تستحق دوراً أكبر في كتابة برنامج الحزب.
ولقد أظهرت استطلاعات جديدة للرأي تعكس حالة عدم تفاؤل كبيرة بوصول هاريس إلى البيت الأبيض بين هؤلاء المؤيدين لفلسطين من الأمريكيين الذين يرون بأنها لا تختلف كثيراً عن الرئيس بايدن.
ووفقاً لمجلة “فورين بوليسي” فإن حركة “غير الملتزمين” من داعمي فلسطين ليست متفائلة بوصول هاريس إلى البيت الأبيض، ويرون أنها لا تنتهج سياسة مخالفة للرئيس بايدن إزاء الكيان الإسرائيلي، وأشارت المجلة إلى أن نحو أربعمئة ألف عربي أمريكي يعيشون في ميشيغان عبّروا باستمرار عن شكاويهم من بايدن وإدارته، بسبب تزويد الكيان الإسرائيلي بشحنات الأسلحة غير المقيدة التي يقولون إنها تمكّن من ارتكاب إبادة جماعية ضد سكان قطاع غزة.
وبسبب عمليات نقل الأسلحة هذه ينظر الناخبون الفلسطينيون والعرب الأمريكيون في ميشيغان إلى أن الولايات المتحدة المسؤولة بشكل مباشر عن الموت والدمار الذي يقوم به الكيان الإسرائيلي في غزة، وقد تمّ توجيه هذا الغضب إلى العمل السياسي والتعبئة الانتخابية.
وبناءً على ذلك، فإن الكثير من الناخبين الأمريكيين العرب غير الملتزمين في ميشيغان يخطّطون للتصويت كغير الملتزمين إذا أتيحت لهم الخيارات، في حين قالت مجموعات أصغر من الناخبين إنهم قد يمتنعون عن التصويت، أو يستكشفون خيارات طرف ثالث في تشرين الثاني المقبل.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير حالياً إلى فوز هاريس بولاية ميشيغان، إلا أنه يجب ألا تشعر بالارتياح كثيراً لأن تقدّمها لا يزال ضئيلاً، ومن الحكمة ألا تقلّل من شأن الناخبين العرب والمسلمين الأمريكيين، ذلك أن معظم هؤلاء يرون أن تعاطف هاريس المعلن مع الفلسطينيين في غزة لا يترجم إلى تغيرات حقيقية في السياسة تجاه الكيان الإسرائيلي، ولهذا لا يرون أن هناك فرقاً كبيراً بين هاريس وبايدن فحسب، بل إنهم لا يرون كيف تختلف هاريس بشكل كبير عن منافسها ترامب في الخطورة، وبالتالي هل يتصاعد الغضب ويقلب الطاولة على هاريس ويطيح بآمالها في الوصول إلى البيت الأبيض؟.