أخبارصحيفة البعث

كورسك.. وجنون الناتو 

تقرير- هيفاء علي

تطور العمليات في كورسك الروسية يشير إلى بعض الاعتبارات التكتيكية والإستراتيجية، ومنها أن الغزو الأوكراني يمثل نقل المبادرة الإستراتيجية وقيادة العمليات من أوكرانيا إلى بريطانيا، سواء كعضو في حلف شمال الأطلسي أو كزعيم لكتلة البلطيق الداعمة لأوكرانيا، حيث يتم تحفيز القوات الأوكرانية وتدريبها من خلال علامات واضحة على التنشيط من خلال مشاركة المتخصصين الغربيين، والأوامر الدقيقة والأهداف عديمة الضمير،لكن لم يأخذ حلف شمال الأطلسي وأوروبا وبريطانيا العظمى في الاعتبار المخاطر والتضحيات التي جلبها الصراع على الأوكرانيين، وكانت عبارة “كل ما يتطلبه الأمر” تشير دائماً إلى اللامبالاة بالخسائر الأوكرانية مهما ارتفعت الأرقام،  واحتكار الغرب لأرباح الحرب.

ومع تقدمها، يمتد الذراع اللوجستي وتميل القوات إلى أن تجد نفسها في جيب خطير لا يمكن إغلاقه كثيراً أمام المقاومة الروسية على الجبهة، كما هو الحال مع اندماج الصواريخ ونيران الطائرات في الخلف في الأراضي الأوكرانية. وهذا يعني أن الاحتلال الأوكراني غير مستقر ومتقلب، وإمكانية إنشاء قيادات عسكرية إقليمية أوكرانية، التي أعلنها الرئيس زيلينسكي هي مجرد تسلية لأنصاره، فمناورة كورسك تقوم  على الرهان الغربي على أن روسيا لن تستخدم الأسلحة التكتيكية، ومن المؤكد أنها لن تفعل ذلك على أراضيها، حتى لو كانت محتلة، لكنها تستطيع أن تفعل ذلك على الأراضي الأوكرانية وفقط عند المفصل الختامي للاختراق، وبالتالي، من السهل التنبؤ بالآثار المدمرة لما تم استبعاده بشكل مسبق.

إن العملية الحالية، التي تغذي الأحلام الغربية عن بداية زوال روسيا، قد تتطور في الاتجاه المعاكس على وجه التحديد بسبب استهزاء القيادة الغربية بالعمليات، خاصةً إن الهدف الأوكراني والبريطاني الأكثر وترجيحاً من هذه العملية يتلخص في إشراك حلف شمال الأطلسي في حرب مباشرة ضد روسيا على الأراضي الروسية قبل أن تقوم الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، بسبب المشاكل الداخلية والأولويات الدولية، بقطع أجهزة دعم الحياة التي تبقي أوكرانيا على قيد الحياة. وسوف تكون حرباً مفتوحة بين الغرب والشرق، وكارثية بالنسبة للجميع، سواء اشتملت على عمليات مطولة، أو ما هو أسوأ من ذلك، إذا أدت إلى مواجهة نووية.

ومع ذلك، فإن السخرية الغربية التي أشرفت على عملية كورسك تجعل من الممكن تصور الهدف الاستراتيجي المتمثل في التعجيل بإنهاء الصراع من خلال التضحية بآخر القوات الأوكرانية، من خلال التفاوض على تبادل الأراضي، وضم ما تبقى من أوكرانيا إلى الناتو والاتحاد الأوروبي، وهذا من شأنه أن يفتح أبواب الحرب الباردة الجديدة التي يتخيلها الكثيرون مع انتشار الصواريخ الجديدة في أوروبا، والأعمال التجارية الكبيرة لسباق التسلح الجديد، وإعادة إعمار المناطق التي مزقتها الحرب، و”فوائد” الستار الحديدي الجديد، لكن هذه المرة على نهر دنيبر، أي قطع كييف إلى قسمين أو أربعة.