ثقافةصحيفة البعث

مهرجان الشعر السنوي في السلمية يعود باسمه فقط

البعث- نزار جمول

يعدّ مهرجان الشعر السنوي في سلمية هويتها الثقافية وأيقونتها الأدبية بوجود قامات شعرية من سلمية وخارجها، لكن لم يعد يدري المهتمّون بالشعر الذين ينتظرون مهرجانهم السنوي كعاشق ولهان، لماذا تصرّ مديرية الثقافة في حماة على إقامة هذا المهرجان كأي فعالية من فعالياتها التي تمضي كسحابة صيف عابرة، وهي تعلم أن الفعالية بالتحديد هي عنوان الشعر للشعراء ولمحبي الشعر وعشاقه؟!.

وفي الواقع أن لهذا الإصرار وجهين لعملة واحدة وهي وجود أشخاص كل همّهم الظهور على حساب هذا المهرجان، حتى إن الدورات التي كانت تُقام ما قبل عام 2011 هي المعترف فيها كمهرجان، ما يعني أن دورات المهرجان الست والعشرين التي أقيمت آخرها في عام 2010 يمكن أن نطلق عليها “مهرجان سلمية الشعري السنوي” لأنها استضافت كبار الشعراء من سلمية وخارجها، فالمهرجان كان تظاهرة ثقافية حقيقية ويهتمّ فيها الإعلام المقروء والمسموع والمرئي في سورية وبعض الدول العربية.

واليوم، وفي دورته الثانية بعد أزمة الحرب أقيم المهرجان تحت جنح التعتيم الإعلامي لأنه لا يمكن أن يكون بديلاً لهذه التظاهرة، فهل من المعقول إقامة دورتين بمدة لا تتجاوز أيامهما أصابع اليد الواحدة من دون كباره من الشعراء الذين يترنمون بالشعر العربي الأصيل وليس شعر النثر والتفعيلة وبعض المحاولات الخجولة للشعر العمودي التي من الممكن أن نطلق عليها جيدة ليس أكثر من ذلك، ولن ننسى أن إقامة أي فعالية هي من اختصاص المراكز الثقافية وليس مديرياته في مركز المحافظات، فأين دور المركز الثقافي إذا كانت المديرية هي من تدير دفة النشاطات وتقرّر بدلاً منه ومن إدارته التي تبدو في سلمية الغائبة الحاضرة كحضور ليس إلا؟!.

ولتأكيد أن هذه الفعالية المتواضعة بمعناها وغير المعبّرة عن فعالية ضخمة بحجم مهرجان الشعر في سلمية، التقت “البعث” بعض الشعراء والأدباء الذين أكدوا عدم وجود مهرجان حقيقي إلا بالاسم.

ورأى الأديب مهدي الشعراني أن المهرجان في حالة سبات بعد أن دخل حالة الموت السريري من خلال تقزيمه بشكل غير مبرّر ومن دون سبب معلن، ومن دون شعرائه الكبار، حتى إن الشعر الذي يتناسب مع حجم المهرجان كان غائباً كغياب شعرائه بشكل قسري، مبيّناًً أن المهرجان باسمه وليس بمعناه الحقيقي أصبح سراباً، ومن ينظم الشعر غابت عن شعره الموهبة وكان مجرد نظم، لأن هذا المهرجان بدوراته الست والعشرين التي سبقت أزمة الحرب ينتمي بشعره إلى الشعر العربي الأصيل بقوافيه وبحوره وبشكله العمودي. وأوضح الشعراني أن إقامة أي نشاط في أي مدينة هو من اختصاص المراكز الثقافية التي تقدّم وجهات نظرها لمديرياتها، لكن المديرية المعنية في حماة باتت هي من يقرّر إقامة النشاطات وحتى من يشارك فيها، وهذا مخالف للقواعد المتّبعة، فالمركز الثقافي معنيّ بتحديد الزمن ودعوة المشاركين من خلال لجنة متخصصة بالشعر من القامات الشعرية التي تزخر بها المدينة، ورأى أن هذا النشاط لا يمكن أن ينتمي إلى مهرجان الشعر السنوي لأن كلّ شيء فيه متدنٍ بالمستوى، والسبب سوء الإدارة بالمركز الثقافي وغيابها عن اتخاذ القرارات المناسبة لأي نشاط تاركة للمزاجية والعلاقات الشخصية الدور في اتخاذ القرارات وكلّ يغني على ليلاه وكل العتب على المعنيين بالثقافة.

وأكدت الشاعرة ثناء الأحمد أن هذا النشاط لا يمكن أن ينتمي إلى المهرجان السنوي لأنه لم يرتقِ لمستوى مدينة سلمية التي تعبق بالثقافة كحالة مستمرة وتتبع لفكر وحضارة معرفية وقادة، معدة أن معظم ما قدّم لا ينتمي إلى الشعر الذي قدمته الدورات السابقة ما قبل أزمة الحرب، فالنظم وحده كان حاضراً أما الشعر فغيابه حاضر أكثر، كما قدمت نماذج لا تنتمي إلى أي جنس شعري لا موزون ولا نثري، لأن كلاهما له قواعد مؤصلة ومتعارف عليها، ورأت الأحمد أن هذا المهرجان يجب أن يعتمد على أرشيف دوراته السابقة الغنيّ بكبار الشعراء، وتمنّت عودته بشعرائه وقاماته من دون علاقات ومصالح ما تزال تتحكم بنشاطات المركز الثقافي.

وبيّن الشاعر ظافر جمول أن مهرجان سلمية السنوي الخاص بالشعر كان يُقام من أجل الاحتفاء بالشعر العربي الأصيل وليس الهزيل، فكلمة مهرجان تعني “حياة الشمس”، معداً أن الهدف من الشعر إحياء الحركة الثقافية وتسليط الضوء على الإبداع والمبدعين، كما أن الزمان والمكان والأشخاص لم تكن كلّ تلك المقومات موجودة ولو بحدّها الأدنى في هذه الفعالية وليس المهرجان، فالشعر غاب بالحرف والضبط والصورة والوزن، وما يميّز فعالية هذا العام هو الحضور الرسمي رفيع المستوى من دون حضور المهتمين بالشعر العربي الأصيل وقاماته الذين غُيّبوا عن سابق إصرار وتعمّد.

وقالت الشاعرة فاتن حيدر إن المهرجان أقيم بسرعة ومن دون دراسة وافية، وهذا تقصير بحق أدباء وشعراء سلمية الكبار الذين كان حضورهم ضرورياً وتكريمهم واجباً والأخذ بآرائهم من أهم واجبات المهرجان، مبينةً أن المهرجان الذي كان يعدّ فيما قبل الأزمة الهوية الأدبية للمدينة يجب أن يُخطّط له بهدوء وتروٍ لتظهر المدينة بصورتها الشعرية الحقيقية لا الوهمية، مؤكدةً أن المهرجان وإقامته من مهمات المركز الثقافي وإدارته مثلما يتمّ في أي محافظة أو مدينة أخرى وتنحصر مهمة المديرية المتخصّصة بالموافقات منها ومن الوزارة، فالتقديم والاختيار للشعراء من اختصاص المركز المعنيّ، وأوضحت أن أي مهرجان يجب أن يكون بالقول والفعل.