الإضراب العام “الإسرائيلي” وتكريس الانقسام
تقرير- سنان حسن
كشفت الدعوة إلى الإضراب العام في كيان الاحتلال الصهيوني اليوم الاثنين، والتي أطلقها ما يسمى باتحاد العمال “الإسرائيلي”، بهدف دفع حكومة الاحتلال القبول بصفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية وإنهاء قرابة عام من الحرب، عن التوترات المتزايدة داخل الكيان الصهيوني، وتصاعد الغضب الاجتماعي تجاه سياسات حكومة الاحتلال، وتراجعاً في ثقة المستوطنين بحكومتهم، والأهم أنه أبان عن انقسام كبير في المجتمع الصهيوني، حيث لم يمض ساعات عن تحديد موعد الإضراب حتى بدأت الأحزاب السياسية المنضوية في الحكومة مهاجمة القائمين على الإضراب واتهامهم بالخيانة، حيث قام ما يسمى بوزير المالية في حكومة الكيان المتطرف يسرائيل سموتيرتش، بتهديد من سيشارك بالإضراب متوعدهم بحرمانهم من رواتبهم، مطالباً المستشارة القضائية للحكومة بإصدار أمراً بحظر الإضراب.
شكل وصول حكومة نتنياهو الائتلافية إلى الحكم ومشاركة المتطرفين فيها، لحظة كاشفة في عمر الكيان لجهة الانقسام الكبير الذي يعانيه المجتمع الصهيوني، والتناحر بين القوى والأحزاب السياسة وتضارب مشاريعها لـ”إسرائيل” في الفترة القادمة، ولكن هذا الانقسام بات أكثر وضوحاً مع بدء العدوان على غزة، حيث رأينا انقساماً عامودياً بين مجموعات يدعمها ساسة وضباط متقاعدين في جيش الاحتلال واقتصاديين ومجتمع الهايتك من جهة، ومستوطنين ومتطرفين من الجيل الثاني الذي ولد على أرض فلسطين المحتلة من جهة ثانية، وهذا الانقسام تجسد في كل مناحي الحياة في الكيان حيث لا يمر يوم إلا وتقمع شرطة الاحتلال المظاهرات التي تطالب باستقالة حكومة نتنياهو وتحقيق المساواة بين “الإسرائيليين”، ولا سيما في موضوع التجنيد والالتحاق بالجيش.
هذا الصراع الداخلي عكس بشكل واضح، فشل المشروع الصهيوني في خلق مجتمع متجانس ومتحد، وأكد أن الانقسامات العميقة بين مختلف الفئات قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الدولة نفسها على المدى الطويل.
وعليه فإن الإضراب العام يأتي في وقت حساس للغاية بالنسبة لحكومة نتنياهو، وهو ليس مجرد احتجاج عمالي، بل هو مؤشر على تعاظم الانقسام وفشل كل المحاولات لاحتوائه ولا سيما الأمريكية منها، وبالتالي فإن الإضراب قد يكون بمثابة الشرارة التي تحفز قوى المعارضة لتكثيف جهودها للإطاحة بحكومة نتنياهو، ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن المعارضة “الإسرائيلية” ليست متجانسة وتواجه تحديات داخلية، ما قد يجعل من الصعب توحيد جهودها بشكل فعال.
إن الإضراب العام يمثل لحظة حاسمة في الصراع الداخلي في الكيان، وتأثيره قد يكون كبيراً على حكومة نتنياهو، وقد يعزز من فرص المعارضة في إسقاطها، إلا أن الأهم من ذلك هو أن هذه الأحداث تكشف عن تصدعات عميقة في المجتمع الإسرائيلي، التي إذا استمرت في التوسع، قد تسرع من عملية تفكك الكيان الإسرائيلي انهياره.