الطواقم الطبية لم تسلم من الكيان الصهيوني
د. معن منيف سليمان
اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان الكيان الصهيوني باحتجاز الطواقم الطبية الذين يعملون في مجال الرعاية الصحية بقطاع غزة، حيث تمّ تعذيبهم وإساءة معاملتهم في أثناء احتجازهم بشكل تعسفي خلال العدوان المتواصل على قطاع غزة.
وتحدّثت المنظمة عن سوء المعاملة للمحتجزين من الطواقم الطبية في السجون الإسرائيلية بما يشمل الإذلال والضرب والوضعيات المجهدة القسرية، والتقييد وعصب الأعين لأوقات طويلة، والحرمان من الرعاية الطبية.
وقالت بلقيس جراح، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في المنظمة: “تواصل الحكومة الإسرائيلية إساءة معاملة الكوادر الطبية الفلسطينية بعيداً عن الأعين وعليها التوقف فوراً، ينبغي إجراء تحقيق شامل في التعذيب وغيره من ضرب وإساءة معاملة الأطباء والممرضين والمسعفين، ومعاقبة الجناة بشكل مناسب، بما في ذلك من قبل المحكمة الجنائية الدولية”.
وكانت المنظمة قد أرسلت رسالة إلى قيادة الجيش الإسرائيلي ومصلحة السجون الإسرائيلية تتضمن النتائج الأولية في الثالث من آب الماضي، لكنها لم تتلقَ رداً.
وقدّم جميع العاملين في الرعاية الصحية الذين قابلتهم المنظمة روايات مماثلة عن إساءة المعاملة في السجون الإسرائيلية، فبعد أن كانوا في غزة، رُحّلوا إلى معسكرات الاحتجاز في الكيان منها: قاعدة “سدي تيمان” العسكرية في صحراء النقب، وسجن عسقلان، أو نقلوا قسراً إلى قاعدة “عنتوت” العسكرية بالقرب من القدس الشرقية وسجن “عوفر” في الضفة الغربية المحتلة.
وقد أجمعت أقوال المحتجزين من الطواقم الطبية على أنهم جرّدوا من ملابسهم، وضربوا، وعُصبت أعينهم، وقيّدت أيديهم لأسابيع عديدة متتالية، وتعرضوا للضغط حتى يعترفوا بأنهم أعضاء في المقاومة، مع تهديدات مختلفة بالاحتجاز لأجل غير محدّد وقتل عائلاتهم في غزة.
وتتوافق روايات الكوادر الطبية للمنظمة مع التقارير المستقلة، منها تقارير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأنروا”، ووسائل الإعلام الإسرائيلية، والجماعات الحقوقية التي وثّقت العشرات من روايات المعتقلين عن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والضرب، والاعترافات القسرية، والصعق بالكهرباء، وغيرها من أشكال التعذيب والانتهاكات التي يتعرّض لها الفلسطينيون في معسكرات الاحتجاز الإسرائيلية.
وأفادت وزارة الصحة في غزة أن القوات الإسرائيلية احتجزت على الأقل نحو 310 من الكوادر الطبية الفلسطينية منذ تشرين الأول الماضي، ووثقت منظمات غير حكومية منها: “هيلث كير” و”وركرز ووتش- فلسطين” نحو 259 عملية احتجاز لعاملين في الرعاية الصحية، وجمعت 31 رواية تصف التعذيب وغيره من الانتهاكات على يد السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك استخدام وضعيات مجهدة، والحرمان من الطعام والماء، والتهديد بالعنف الجسدي، والمعاملة المهينة.
وتؤكد منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن الاحتجاز التعسفي المطوّل وإساءة معاملة الكوادر الطبية فاقم الأزمة الصحية في قطاع غزة، ووجدت المنظمة أن السلطات الإسرائيلية لم توفر على مدى عقود مساءلة موثوقة عن التعذيب وغيره من الانتهاكات ضد المحتجزين الفلسطينيين، ولم تسمح للوكالات الإنسانية المستقلة بالتواصل مع المحتجزين الفلسطينيين منذ بدء العدوان.
وأخيراً رأت المنظمة أن تعذيب الكوادر الطبية الفلسطينية يسلّط الضوء على قضية أكبر بكثير تتمثل بمعاملة الحكومة الإسرائيلية للمحتجزين بشكل عام، وترى أنه ينبغي لحكومات الدول الغربية أن تدعو السلطات الإسرائيلية علناً إلى إطلاق سراح العاملين في الرعاية الصحية المحتجزين بشكل غير قانوني، ووقف إساءة المعاملة والظروف المروّعة لجميع الفلسطينيين المحتجزين.