لا رغبة للحكومة بدعم المشاريع المتناهية الصغر!
علي عبود
اكتشفنا بعد ثلاثة أعوام من عمر الحكومة أنها غير مكترثة بالمشاريع الصغيرة، وأن لا رغبة لديها حتى بدعم المشاريع المتناهية الصغير التي تُولّد دخلاً لآلاف الأسر السورية بما يغنيها عن فتات الدعم الذي تُمنّن به الحكومة ملايين العاملين بأجر!
والحق يُقال إن الحكومة لم تُقصّر يوماً بدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بـ “حلو الكلام”، سواء أمام أعضاء مجلس الشعب، أم في المؤتمرات العمالية، بل إنها حرصت دوماً على دعمها “كلامياً” في بيانها الوزاري، وفي مشاريع الموازنات العامة، ولم تبخل حتى برصد اعتمادات “ورقية” لها في خططها السنوية!
وتوهمنا أن الحال سيتغيّر، بعدما خصّصت الحكومة منذ أشهر جلسة موسعة خاصة بالمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وبأن الوزارات المعنية ستباشر فوراً بإصدار القرارات والصكوك التشريعية الكفيلة بتذليل الصعوبات، وصياغة الإطار القانوني الذي يتيح نشر المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر في كلّ المحافظات مع حزمة من التسهيلات والمحفزات.. إلخ.
واكتشفنا مجدداً أن الحكومة تحوّلت إلى “تسيير أعمال” دون أن تترجم أقوالها المتتالية منذ ثلاثة أعوام إلى أيّ فعل ملموس!!
ولعلّ أصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر يتساءلون منذ سنوات: لماذا لا ترغب الحكومة بدعمنا ما دامت تؤكد أن مشاريعنا ركيزة مهمّة جداً في الاقتصاد ودوران عجلة الإنتاج؟
والجواب بات معروفاً ومكشوفاً، فالشغل الشاغل للحكومة كان، وسيبقى حتى اليوم الأخير من عمرها، زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي، وحوامل الطاقة، والاعتماد على المستوردات بدلاً من تصنيع معظمها، أو الحدّ الأدنى منها محلياً، أيّ كلّ ما من شأنه أن يُضعف القدرة الشرائية لليرة، وبالتالي زيادة معدلات الفقر والبطالة.. إلخ!
نعم، يُجمع كلّ من يهتمّ بالاقتصاد على أهمية المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر في دوران عجلة الإنتاج، وإنعاش الاقتصاد، وزيادة الصادرات وتحسين سعر الصرف بتصنيع بدائل المستوردات، ولكن لم تكشف الحكومة عن أي رغبة جدية بدعمها سوى بالكلام والوعود!!.
ولو أن الحكومة انشغلت بدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، مثلما انشغلت بإعادة هيكلة الدعم بهدف “إيصاله لمستحقيه”، لوفرت دخلاً كافياً ووافياً لعشرات آلاف الأسر السورية، ولكانت هذه الأسر خرجت من قائمة الدعم، أيّ كانت الحكومة وفرت المليارات بحلول اقتصادية لا بإعانات هزيلة!!
أليس غريباً أن يبقى الجدل يدور على مدى أعوام حول آليات تمويل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر دون تبنّي الحكومة لأيّ آلية تمنح القروض بصفر فائدة، مثل قروض الطاقة المنزلية غير المفيدة للاقتصاد؟
والمستغرب أيضاً أن الحكومة لم تكترث بإيجاد قنوات تصريف لأصحاب المشاريع المتناهية الصغر – وليس الصغيرة – الذين لم يستجروا القروض، ولم يستفيدوا من “برامج الدعم الحكومي”، ولم يكن الأمر يحتاج سوى إلى قرار من مجلس الوزراء يُلزم صالات “السورية للتجارة” بتخصيص أجنحة في صالاتها لمنتجات المشاريع الصغيرة، أسوة بمنتجات شركات القطاع الخاص الطاغية على هذه الصالات.
الخلاصة.. لو كان لدى الحكومة رغبة حقيقية بدعم المشاريع المتناهية الصغر لدعمتها بقروض بصفر فائدة، واسترداد أقساط القروض على شكل منتجات وسلع تُباع في صالات “السورية للتجارة”، وفي المعارض الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية للمنتجات البديلة للمستوردات والمعدّة للتصدير.