الصناعات النسيجية.. خسائر في الإنتاج وحلول عاجزة في غياب المادة الأولية
البعث – محمد العمر
يعتبر الصناعيون أن المطلوب الآن، وأكثر من أي وقت مضى، طيّ صفحة الماضي، ودعم قطاع النسيج بكلّ أصنافه، والتفكير بالغد القادم، خاصة وأن هذا القطاع يشكّل أكثر من 40 بالمئة من الاقتصاد السوري، و20 بالمئة من اليد العاملة، دون أن يغيب عن بال الصناعيين النسيجيين ثقل ما حملته سنوات الحرب القاسية، وما خلّفته من دمار لمصانع النسيج وآلاته، مؤكدين أن تخفيض الأسعار والتكاليف هو بحدّ ذاته تطوير للصناعة، وأن تخفيض كلفة المادة الأولية بالنسيج مطلب حقّ باعتبارها مادة صناعية وطنية تنتج محلياً، إلى جانب أن توفير المواد الأولية بأسعار مدروسة للصناعيين في القطاعين العام والخاص، ومنع التهريب، يجعل المنتج الوطني أرخص من المنتجات الأجنبية.
وكان التقرير السنوي للاتحاد المهني لنقابات عمال الغزل والنسيج قد كشف عن تدنٍ كبيرٍ في نسب تنفيذ الشركات العاملة في قطاع الغزل والنسيج بسبب النقص الشديد في القطن والغزول وسوء المادة الأولية وتدني جودتها، معيداً ضعف الإنتاج إلى قدم الآلات ونقص القطع التبديلية، إضافة إلى نقص اليد العاملة الخبيرة في هذا المجال بسبب الاستنزاف المستمر وعدم تعويض الخبرات، ووجود تشابكات مالية بين المؤسّسات العاملة في هذا القطاع.
الصناعي عاطف طيفور أكد أن الصناعات النسيجية كانت من أهم القطاعات الصناعية في سورية قبل الحرب الإرهابية، وخاصة بمساهمتها بنسبة 27% من صافي الناتج الصناعي غير النفطي، وبنحو 45% من الصادرات غير النفطية، كما يعمل فيه نحو 30% من إجمالي العاملين في الصناعة، ونحو 20٪ من السوريين، ناهيك عن أن قرابة 24000 منشأة مختلفة الحجم مسجلة رسمياً كانت تعمل في الصناعات النسيجية عدا المنشآت غير النظامية، لافتاً إلى أن كل هذه الكتلة جُمّدت اليوم بعد تراجع الصناعة، والكثير من العاملين خسروا وظائفهم، وهناك من أغلق معمله أو أعفى 80% من العمال، كما أن الإنتاج أصابه الكساد، ليظهر ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن.
وأشار طيفور إلى أن زراعة القطن استراتيجية، وليست كماليات، حيث إن سورية تزرع القطن منذ أربعة آلاف عام، وكان إنتاجها الزراعي نحو ١٠٨٢ طناً، واليوم ينخفض الإنتاج الى ما يقارب 4.5 أطنان، اأسباب فنية وتقنية، حيث إن أصل مشكلة ارتفاع الألبسة هو وجود خلل في زراعة القطن، فحتى يلبس المواطن يجب أن يكون هناك فائض بالقطن لأنه المكوّن الرئيسي لخيط القماش.
وحذر طيفور من أنه في حال لم يتمّ إنقاذ موسم القطن القادم بشكل إسعافي واعتباره أولوية وخطاً أحمر، سنفقد مهنة النسيج بالكامل، ولإعادة ذلك لا بدّ – حسب قوله – من الاستثمار بزراعة القطن من قبل الشركات العمومية لتغطية الاكتفاء الذاتي من الأقطان، بالإضافة للسماح للقطاع الخاص الصناعي الاستثمار بزراعة الأقطان وتسويق نسبة من الإنتاج للمحالج، لتوسعة رقعة الزراعة ونسبة إنتاج القطن المحبوب، مع افتتاح كافة الصالات المغلقة بالمصانع ورفع الطاقة الإنتاجية إلى ١٠٠ بالمئة، والتعاقد مع القطاع الخاص وفق القرار ١٦٦٤ للتشغيل للغير. وبيّن أنه يجب دعم القطاع النسيجي، ودعم الصناعيين بالمواد الأولية والتصدير إلى الأسواق، لأن فتح استيراد الخيوط في السابق، قد أدّى إلى نتائج سلبية للصناعة وتأثيرها على الزراعة، ومنها غرق الأسواق بالقطن وهجران الفلاح لأرضه بحثاً عن مادة زراعية أخرى، ما يعني استنزاف القطع الأجنبي بقيم غير مسبوقة، ناهيك عن توقف عقود التصدير الألبسة الجاهزة والانحسار التدريجي للقطع التصديري، ما يفقد الخزينة أهم مورد من أضخم قطاع صناعي، ومن جهة أخرى فإن رفع أسعار الغزول تتأثر فيه الأسواق جميعها، ما يجعل الأسعار تصبح مقاربة جداً للسعر العالمي ويخرج المنتج من دائرة المنافسة.
تقديم التسهيلات
ولإعادة هيكلة القطاع النسيجي، طالب طيفور بتحويل الشركات القائمة والمدمّرة إلى مساهمة عمومية، وعدم دمج أو تنسيق أي شركة إنتاجية للاستفادة من قيمتها السوقية، مع التركيز على أهم نقطتين، منها تقديم حوافز للمساهمين بأولوية استجرار المخصّصات من المواد الأولية من الشركة، كما هو الحال في اعتماد نظام حوافز مستقل للشركات بتوزيع أسهم على كادر الشركة للاستفادة من الأرباح السنوية، كما لا بدّ من إعادة تأهيل الشركات المدمّرة للاستفادة من طاقتها الإنتاجية واستكمال سلسلة الإنتاج المضافة والاستفادة من التوزع الجغرافي للشركات لتخفيض التكاليف وأجور النقل والتوزع الجغرافي للتوظيف الاجتماعي.
وأبرز طيفور إعادة تأهيل مؤسسة النقوش التابعة للمؤسسة النسيجية لضبط الرقابة الإنتاجية والجودة على القطاع العام، بالإضافة للفحوصات المأجورة للقطاع الخاص، مع العمل على إعادة تأهيل مخابر مؤسّسة المواصفات السورية لتفعيل دور الرقابة وإصدار شهادات مطابقة المواصفات للأسواق الداخلية والصادرات، والأهم عدم الاكتفاء بالإنتاج التقليدي والتوسّع بالمنتج والتخصّص لإحلال بديل المستوردات، وحجز حصة سوقية في الأسواق العالمية لرفع نسبة الصادرات.