“صور من ذاكرة السويداء” تعكس التقدم الفكري والحضاري للمحافظة
السويداء ـ رفعت الديك
استعرض الباحث سلمان البدعيش مجموعة صور من ذاكرة الجبل في مراحل متعددة، ولم ترتبط الصور بموضوع واحد، بل جاءت متنوعة تغطي جوانب عدة تنعش ذاكرة المواطنين.
وكان للحركة الموسيقية والفنية والكشفية نصيب وافر في المعروضات التي قُدمت خلال ندوة أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب في السويداء بشكل يعكس النشاط الفكري الذي تشهده المحافظة منذ ذلك الوقت، إذ قدم البدعيش مجموعة صور لفرق موسيقية ومنها لأكبر فرقة موسيقية في الوطن العربي كانت آنذاك موجودة في السويداء، كما عرض صوراً لآلات موسيقية عرفها الناس عام 1954، وقبلها كان هناك بعض الأدوات التقليدية ومنها الربابة التي برعوا فيها، ومن الصور المهمة صورة للموسيقار فريد الأطرش وإلى جانبه سامية جمال ومعهم عدد من الأسماء الإعلامية والموسيقية البارزة آنذاك.
كما كان للحركة الرياضية حضورها، إذ عرض البدعيش صوراً للفرق الرياضية في ميدان السويداء تعود إلى عام 1951 وتظهر في الصورة حالة تنظيم مميزة، وتضم مجموعة من الشخصيات المهمة، ومنهم الشاعر عيسى عصفور والذي كان قائداً للكشاف ودورة إعداد مدرّسي الرياضة بدمشق ومنها كانت صورة لدار للمعلمين تظهر حالة متطورة للدار آنذاك من حيث توافر الإقامة والملاعب والمطاعم، وهناك صور لمعسكر كشفي للقادة في الزبداني 1956 بمشاركة السويداء والتي حصل فريقها على عدد من الأوسمة، وصورة أخرى لرحلة كشفية لفرق شهبا وصلخد والسويداء إلى حمص واللاذقية وطرطوس ودمشق بحضور شخصيات معروفة تعود إلى عام 1961 وصورة لمهرجان جماهيري يظهر اهتمام أبناء المحافظة بالحالة في العام ذاته.
كما عرض الباحث صوراً لسلطان باشا الأطرش، وللشاعر إلياس فرحات وزيارته إلى السّويداء ومواقعها الأثرية في عام 1959، وزيارة وديع الصّافي في 1960، بالإضافة إلى صورة لنادي الفنون الجميلة والرحلات التي كان ينظمها إلى خارج القطر، ومنها رحلة إلى العراق، وصوراً تعود إلى عام 1969 توثق مهرجان الشبيبة القطري الأول في اللاذقية، والإمكانيات الكبيرة التي سخرت له، ومن الصور الموثقة لهذا المهرجان صور لمسرحية “توباز” التي اختيرت من بين مجموعة عروض لتقدّم في المهرجان وهي لفرع السويداء، وصورة أخرى التقطت في عام 1970 لأول فرقة فنون شعبية في السويداء مثلت السويداء في مهرجانات قطرية متعددة.
وفي تصريحها لـ”البعث”، قالت رئيسة فرع اتحاد الكتاب العرب وجدان أبو محمود: “إن الصور التي عرضها البدعيش تجعلنا نعيش ذاك العصر بأناقة أبنائه وتنظيمهم وإبداعهم والحالة الاجتماعية التي كانت سائدة ومدى مساهمة المحافظة في بناء الحالة الفكرية والثقافية الوطنية”، مؤكدةً أهمية وجود مشروع وطني متكامل يحفظ هذا التراث ويقدمه إلى الأجيال القادمة.
وعن اهتمامه بالتوثيق يقول البدعيش لـ”البعث” وهو أحد رواد الحركة الفنية في المحافظة: “تعدّ الوثيقة سواء أكانت صورة أو مكتوبة من أكثر المصادر أهمية للمؤرخين، وهي توثق تاريخ شعب وعاداته وتقاليده، ومهما كانت الصورة التي نملكها لا قيمة لها تصبح مع مرور الوقت ذات قيمة حضارية وفكرية عالية”، مبيناً أنّه في هذا العرض قدّم مجموعة من النواحي منها المؤسساتية والاجتماعية، وجميعها تعكس التقدم الفكري والحضاري الذي تشهده المحافظة.
بدوره، بيّن الأديب محمد حذيفة أهمية التوثيق في حفظ تراث المحافظة، وما يتطلبه إطلاق مشروع وطني يحفظ هذا العمل.
الدكتور نايف شقير رأى أن المعرض جزء من ذاكرة السويداء التي يجب أن تصل إلى الأجيال القادمة لتقرأ التاريخ جيداً، وسيرورة هذا التاريخ خاصة التاريخ الفكري للمحافظة المؤسس بشكل ممنهج وصحيح دلت عليه الصور.
من جهته، قال الدكتور فندي أبو فخر: “من الشائع أن التاريخ هو معارك وثورات واستقلال، لكن ما قدمه البدعيش هو جزء من التاريخ الاجتماعي للمحافظة وهذه حالة مهمة لتقديم المحافظة كمساهم حقيقي في بناء الحالة الوطنية الجامعة ومن وردت أسماؤهم في الصور أسسوا لحالة اجتماعية وفكرية وفنية ليست على مستوى المحافظة بل على المستوى الوطني والقومي”.
الدكتور ثائر زين الدين قال إن الصور الغنية التي قدمها البدعيش تعكس مساهمته في جمع عناصر التراث في المحافظة المادية واللامادية، بالإضافة إلى البحوث التي قدمها ونشرت في منشورات وزارة الثقافة.