مجالس “البطة العرجاء”!!
وائل علي
أناط قانون الإدارة المحلية، وأتاح وأعطى طيفاً واسعاً من الصلاحيات وحرية الحركة والقرار لوحدات ومجالس الإدارة المحلية، ومكنها من تقمص وممارسة شخصيتها الاعتبارية التي لا تخلو من بعض القيود الشكلية، بحكم التنظيم والإشراف ضمن الحيز الجغرافي الذي تشغله..
مع ذلك، تتفاوت سوية الأداء، بين مجلس وآخر، بتفاوت الطبيعة البشرية وسلوك الأشخاص الذين يصر البعض على أن أن تظل هذه الوحدات والمجالس ممسوكة برقابها وعرقوبها، بمحض إرادتها وخيارها، فيما يذهب آخرون لممارسة صلاحياتهم من بابها الواسع، وهذا حقهم الطبيعي بموجب القانون!!
وفي الوقت ذاته، تلجأ بعض الجهات ذات العلاقة، وتسعى – خلافا للقانون طبعاً، وإمعانا في التعسف باستعمال السلطة على المستوى المحلي في المحافظات، وعلى المستوى المركزي في الوزارات – لتقليص وتقييد حركة الوحدات الإدارية، ومصادرة وانتزاع صلاحياتها بتعاميم وتحذيرات تخالف روح وجوهر قانون الإدارة المحلية التي تتجلى في مجالات كثيرة، بينها الإنفاق المالي مثلاً، وتعقيدات وقبول الهبات والتبرعات التي “قد” تقدم للمجالس المحلية، من باب التشبيك مع المجتمع الأهلي، أو إبرام عقود الاستثمارات الضخمة، أو سحبها، وإلغاء الفاشل منها، وما أكثرها (.. والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى!!) ما يؤدي بطبيعة الحال إلى إفقار المجلس المحلي، وإضعافه، وشل خدماته، وعرقلة الإجراءات والمعاملات الإدارية والوقوف في وجه المبادرات الخلاقة المبدعة، ليتحول المجلس المحلي إلى متسول للإعانات على أبواب مجالس المحافظات والوزارات، ويتوجه نحو السهل والفوضوي وتطنيش المخالفات بأشكالها وتعديات الأرصفة والشطآن النهرية والبحرية والجبلية والمواقع الاستراتيجية، وإشغالاتها التي ما أنزل الله بها من سلطان، وتكريس ثقافة البشاعة والتجاوز، وتنازع أعضاء المجلس الواحد على اقتسام المغانم، والفوز ببيع الفضلات والعقود المشبوهة، والابتعاد عن الجوهري والمطلوب، وتعطيل جلسات اجتماعاتهم الدورية بتغييب النصاب بقصد تمرير مآرب شخصية نفعية بحتة، والتعامي عن أوجاع ممثليهم في المجالس التي يحكمون ويتحكمون بها إن لم يكونوا سبب بلائها وبلواها أصلا، وتناسيهم لوعودهم التي قطعوها لناخبيهم، ويمين القسم الذي أدوه رافعي اليد بصوت الواثق من صون الأمانة…!!
إن دواء وعلاج مجالس “البطة العرجاء” لن يكون إلا بالكيّ، والكيّ هنا هو “الحل”، وليس أي شيء آخر.. وما سبق لا ينفي أبداً أن هناك بعض المجالس الرائدة التي استطاعت تنحية الخاص لصالح العام، قولاً وفعلاً، وتمكنت من النهوض بمجالسها، لتكون مثالاً ساطعاً للتعاضد والألفة والتعاون والإنجاز إلى أبعد الحدود!!