رياضةصحيفة البعث

الانتخابات الرياضية القادمة بين روتين العمل والاستراتيجية المفترضة

ناصر النجار

دورة انتخابية جديدة من المتوقع أن تنطلق منتصف الشهر الحالي وتشمل أندية الدرجة الأولى التي ستشارك بدوري الدرجة الأولى لكرة القدم، وكذلك بقية الألعاب الرياضية حيث بات الموسم الرياضي الجديد على الأبواب.

وقد أجل اتحاد كرة القدم دوري الدرجة الأولى لينطلق في العشر الأخير من الشهر القادم، منتظراً نهاية الانتخابات المتوقع أن تنتهي مطلع الشهر القادم، وحتى الآن لم يصدر أي شيء بخصوص هذه الانتخابات كمواعيد وشروط وأمور إجرائية وتنظيمية وما شابه ذلك.
وتتوزع الأندية التي ستخوض الانتخابات على ثلاثة أقسام، فهناك أندية الهيئات، والأندية الكبيرة التي تملك استثمارات ومنشآت، والأندية الفقيرة التي لا تملك ما يسد الرمق وهي فقيرة الحال والأحوال.
أندية الهيئات كثيرة ومنها أندية الشرطة والجيش الفرعية في محافظات طرطوس واللاذقية وحلب وحمص وحماة ودير الزور، وهي تشارك بكرة القدم والعديد من الألعاب الأخرى كالألعاب القتالية، ومنها أندية العمال والحرفيين في محافظات حماة وحلب ومصفاة بانياس وغيرها من الأندية التي بات ذكرها نادراً لقلة نشاطها وضعف مواردها، وهذه الأندية تتبع جهات حكومية ولها نظامها الخاص المتعلق بالأمور الإدارية والمالية والانتخابية، وترتبط بالاتحاد الرياضي تنظيمياً وفنياً، وعلى مدار السنوات الماضية كان لها مساهمات كبيرة ومثمرة ومهمة في دعم النشاط الرياضي ورفد المنتخبات الوطنية بالعديد من اللاعبين المميزين بألعاب رياضية مختلفة. أما الأندية التي تملك منشآت واستثمارات كثيرة ومنها أندية المجد والنضال وقاسيون والفيحاء والحرية وحرجلة والنبك وجرمانا ودير عطية والكسوة وعرطوز والعربي والنواعير والجهاد والجزيرة والتضامن والساحل والسلمية ومحردة وغيرها، فهي متفاوتة الإمكانيات، وهناك باقي الأندية التي لا تملك إلا القليل من المنشآت وقد تكون عبارة عن مقر وملعب ترابي أو ملعب صغير أو غرفة أو باحة مدرسة، وعلى الأغلب هذه الأندية هي أندية ريفية.

بشكل أساسي، هناك 28 فريقاً يمارسون كرة القدم في الدرجة الأولى، وهناك ضعف هذا العدد وأكثر يمارسها في الدرجة الثانية عبر دوري المحافظات، وأغلب هذه الأندية يمارس كرة القدم بغض النظر عن المقومات والإمكانيات، ولعل شغف كرة القدم هو من يدفعها لذلك، وهناك محافظات كثيرة لا يمثلها أي فريق بالدرجة الممتازة كمحافظات ريف دمشق والسويداء والقنيطرة وطرطوس والرقة وإدلب والحسكة، بل إن محافظة القنيطرة لا تملك فريقاً حتى في الدرجة الأولى وكل فرقها في الدرجة الثانية.
فرق الدرجة الأولى مقسمة على ثلاثة طوابق: فرق لديها الاستثمارات والمنشآت وبالتالي لديها مقومات النهوض من إمكانيات مالية وفنية وإنشائية، وفرق تحافظ على وجودها وتملك بعض المقومات والدعم المادي، والطابق الأخير يضم فرقاً بأدنى الإمكانيات والمقومات، وعددها كثير والمفترض أن تراجع حساباتها، لأن مشاركتها في دوري الدرجة الأولى يضعها في ضيق شديد وعسر كبير، وبعض هذه الأندية انسحب في الموسم الماضي من الدوري سواء بفئة الرجال أو الشباب لضعف الحال المالي.
وأندية الدرجة الأولى تنتمي لأغلب المحافظات باستثناء محافظات القنيطرة ودرعا وحمص واللاذقية والرقة وإدلب، فمن دمشق المجد والنضال، ومن ريف دمشق النبك والهيجانة والكسوة والتل وحرجلة ومعضمية الشام ودوما، ومن حماة عمال حماة وشرطة حماة ومورك وخطاب والحوارث والنواعير، ومن حلب النيرب وعفرين والحرية وشرطة حلب، ومن طرطوس الساحل وشرطة طرطوس، ومن الحسكة الهلال والجهاد، ومن دير الزور اليقظة وصبيخان وشرطة دير الزور، ومن السويداء العربي وشهبا.

والغاية من هذا الاستعراض هو التأكيد على أن وجود العديد من هذه الأندية في الدرجة الأولى لا فائدة منه، ومشاركتها في الدوري فيه الكثير من هدر الأموال بلا جدوى، ولا تحقق الفائدة الفنية المرجوة نهائياً، والمتابع لفرق هذا الدوري يجد كيف أن بعض الفرق يعاني للحصول على بعض اللاعبين المميزين من هنا وهناك، وبعض الآخر يشقى بحثاً عن المال ليسد بعض نفقات الدوري من سفر وأجور حكام وما شابه ذلك، وعلى سبيل المثال فإن فريق دوما أكمل الدوري في آخر مباراتين بعدد بسيط من اللاعبين ولم تستكمل بسبب ذلك المباراتان، ومثله فعل فريق النواعير، بل إن الجزيرة لم يشارك في الإياب ورجال التل وحرجلة انسحبا من آخر مباراة من الدوري.
الملاحظة الأخرى أن الكثير من هذه الأندية لا يملك فرقاً في الشباب والناشئين والأشبال، وهذا وحده يرسم العديد من إشارات الاستفهام حول وضع هذه الأندية ومدى صلاحية وجودها في الدوري، وفائدتها فيه.
وضمن هذا التصور يجب أن يحدد اتحاد كرة القدم الشروط الواجب توفرها في الأندية التي تكون في الدرجة الأولى، منها شروط تنظيمية وإدارية وفنية وإنشائية ومالية أيضاً، والنادي الذي لا يحقق هذه الشروط عليه أن يغادر إلى دوري الدرجة الثانية طوعاً ويلعب مع فرق محافظته.
القصد من كل هذا السرد أمران اثنان: أولهما أن الأندية مقبلة على انتخابات، ومن الممكن أن تأتي إدارات جديدة تقود العمل الرياضي في الدورة الانتخابية الجديدة التي تستمر خمس سنوات، فإن وجدت هذه الإدارات أن الإمكانيات لا تؤهلها للمشاركة في دوري الدرجة الأولى فعليها أن تعتذر وأن تحول هذه الأموال والجهود والطاقات إما لبناء كرة قدم صحيحة عبر القواعد والصعود بأبناء النادي فئة بعد أخرى، وإما أن تتحول إلى لعبة رياضية أخرى تضمن نجاح العمل فيها، وهذا أفضل على الصعيد الرياضي بكل الاتجاهات، والأندية القادرة على المشاركة و الطامحة لبلوغ الدوري الممتاز عليها أن تأخذ العبرة من غيرها، فناديا الساحل والحرية عادا أدراجهما إلى الدرجة الأولى بعد موسم متعب ومكلف بدوري الدرجة الممتازة، وكذلك النادييان اللذان صعدا حديثاً ونحن نتابع العثرات التي تعترضهما سواء كانت مالية أو غير ذلك، فليس الإنجاز بالتأهل إلى الدرجة الممتازة، بقدر ما هو الثبات وإثبات الوجود، وهذا يفرض على أندية الدرجة الأولى الطامحة بالصعود إلى الدرجة الممتازة وضع استراتيجية التأهل منذ الآن، وكما نعلم أن الفريق المتأهل لن يكون بإمكانه تجديد فريقه بالكامل، لأن القانون لن يسمح له بتعاقدات جديدة بأكثر من ثمانية لاعبين من أصل ثمانية وعشرين لاعباً، لذلك لا بد من تأسيس الفريق من الآن لمن يحلم بالصعود إلى الممتاز.
وثاني القصد أنه مع الدورة الانتخابية الجديدة آن الأوان لتنفيذ موضوع تخصيص الأندية بألعاب رياضية معينة حسب المقومات والإمكانيات، وهذا الأمر نذكر به اليوم على أن نتكلم به بتوسع في مناسبة قادمة.