دراساتصحيفة البعث

الكيان لا يزال يتلقى الأسلحة

د. معن منيف سليمان

تصاعدت الدعوات العالمية من قبل المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية والحقوقية لحظر تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني، في ظل عدوانه الوحشي على قطاع غزة، وارتكابه المجازر البشعة هناك. وعلى الرغم من تصاعد هذه الدعوات، إلا أن الكيان لا يزال يتلقى الأسلحة من الدول الغربية التي تنحاز إليه انحيازاً كاملاً.

يتلقى الكيان الصهيوني دفعات كبيرة من الأسلحة من عدة دول غربية، يأتي في طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يعتمد الكيان على هذا البلد فيما يتعلق بقدراته العسكرية بشكل مطلق، وقد شغلت الأسلحة المستوردة من الولايات المتحدة دوراً حاسماً في العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين، حيث سلمت واشنطن بأمر رئاسي الكيان الإسرائيلي آلاف القنابل والصواريخ والطائرات المقاتلة والذخائر والأسلحة الفتاكة. كما ساعدت واشنطن الكيان على تطوير وتسليح نظام الدفاع الصاروخي المعروف باسم “القبة الحديدية”، وكذلك ما يسمى “مقلاع داود”.

وتأتي ألمانيا في الدرجة الثانية بعد الولايات المتحدة في تصدير السلاح إلى الكيان الصهيوني، وتتعامل برلين مع طلبات الحصول على تصاريح تصدير للكيان كأولوية بعد عملية طوفان الأقصى، كما أنها تزود الكيان في المقام الأول بمكونات أنظمة الدفاع الجوي ومعدات اتصالات وأسلحة محمولة مضادة للدبابات وذخائر للأسلحة النارية الآلية أو شبه الآلية.

وتعد إيطاليا واحدة من أكبر ثلاثة موردي أسلحة للكيان إلى جانب الولايات المتحدة وألمانيا، ولكنها تزعم أنها أوقفت موافقات التصدير الجديدة منذ بداية العدوان على قطاع غزة، وكانت إيطاليا تورد للكيان مروحيات ومدفعية البحرية.

أما بريطانيا، فإن حكومتها لا تمنح أسلحة مباشرة للكيان، بل تمنح الشركات تراخيص لبيعها، وتتضمن غالباً مكونات تدخل في تصنيع طائرات “F35”. كما تشمل التراخيص ذخائر وطائرات مسيرة وذخائر أسلحة صغيرة ومكونات طائرات مروحية وبنادق هجومية.

وبينما تزعم الحكومة الكندية أنها أوقفت تراخيص تصدير الأسلحة إلى الكيان إلا أنها سمحت منذ عملية طوفان الأقصى بإصدار تصاريح جديدة لتصدير السلاح تفوق التصاريح المسموحة بها في العام السابق.

وكانت هولندا وبلجيكا وإسبانيا واليابان قد أوقفت تصدير الأسلحة للكيان من بينها مكونات مهمة في تصنيع الطائرات المقاتلة، بسبب وجود خطر استخدامها لانتهاكات القانون الإنساني.

وكانت إيطاليا قد أعلنت سابقاً أنها لم تعد تقوم بتصدير الأسلحة إلى الكيان، إلا أن المنافسة السياسية إيلينا شلاين من الحزب الديمقراطي طلبت من رئيس الحكومة أنتونيوتاجاني وقف بيع الأسلحة للكيان في وقت لاحق ما يشي أن إيطاليا لا تزال تصدر الأسلحة إلى الكيان بطريقة سرية للغاية.

وفي هذا السياق كشف تحقيق استقصائي أجراه موقع “ديسكلوز” الفرنسي عن وثائق سرية تظهر أن شركة “تاليس” الفرنسية الرائدة في مجال الصناعات العسكرية زودت الكيان بمعدات اتصال خاصة بالطائرات المسيرة استخدمها جيش الاحتلال لقصف أهداف في قطاع غزة، كما زودت الشركة الفرنسية الكيان بأجهزة اتصال واستقبال صممت خصيصاً للطائرات العسكرية المسيرة الحديثة من طراز “هيرميز ٩٠٠” التي يستخدمها الكيان في عملياته الهجومية ومن بينها قصف مستشفى في قطاع غزة. كما سلمت باريس الكيان ذخائر للمدافع الرشاشة استخدمت ضد المدنيين في قطاع غزة.

وعلى الرغم من إعلان بريطانيا مؤخراً عن منع تراخيص صادرات الأسلحة للكيان، إلا أنها لا تشمل مكونات طائرات مقاتلة، كما أن الحظر جزئي وليس حظراً شاملاً على السلاح.

ومن جهتها قالت المرشحة الرئاسية للانتخابات الأمريكية كامالا هاريس إنها لا تنوي فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى الكيان في حال فوزها بالانتخابات.

وأمام تواصل هذا الدعم العلني والسري تتصاعد الدعوات العالمية لوقف تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني في ظل مواصلة العدوان والإبادة الجماعية في قطاع غزة، حيث تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً بحظر تصدير الأسلحة إلى الكيان، ودعا القرار إلى محاسبة الكيان على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفي هذا الإطار من مناهضة تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني، وقعت أكثر من ١٦٠ منظمة إنسانية وجماعة حقوقية على دعوة لفرض حظر على الأسلحة إلى الكيان، وكان خبراء أمميون قد دعوا إلى حظر نقل الأسلحة والذخائر إلى الكيان.

ولكن على الرغم من ذلك كله، إلا أن الكيان الصهيوني لا يزال يتلقى دفعات كبيرة من الأسلحة والعتاد الحربي من الدول الغربية، حيث كشف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبيري” في تقرير أعده في آذار الماضي أن الولايات المتحدة وألمانيا زودتا الكيان بما يقارب من ٩٩ بالمئة من جميع الأسلحة التي استوردها منذ عام ٢٠١٩ حتى الآن، ما يجعل دعوات حظر تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني ضرباً من المستحيل.