دراساتصحيفة البعث

“السياسات” جسر لتعافي العلاقة بين الحزب والسلطة والمجتمع

سنان حسن

في كلمته أمام مجلس الشعب خلال دورته الجديدة، ركز السيد الرئيس بشار الأسد على أهمية “السياسات” كأداة لتوجيه عمل الحكومة والمؤسسات المختلفة، تأكيد السيد الرئيس على كلمة “السياسات” 45 مرة يعكس أهمية هذا المفهوم في تحقيق التغيير والتطوير في سورية، وفي كلمة سيادته أمام اجتماع اللجنة المركزية الموسعة لحزب البعث العربي الاشتراكي، أكد الرفيق الأمين العام المبدأ نفسه ، مشيراً إلى “السياسات” 13 مرة في كلمته، هذا الاهتمام الكبير بالسياسات يكشف الحاجة إلى دور أكثر وضوحاً للحزب في توجيه ومتابعة الحكومة بعيداً عن التدخل المباشر في العمل التنفيذي.

أدى حزب البعث العربي الاشتراكي دوراً تاريخياً في سورية، حيث ساهم بشكل جوهري في نهضتها وتطورها ونقلها لتكون رقماً فاعلاً في المنطقة والعالم، ولكن مع تطورات العصر وتغيير طبيعة التحديات، أصبح من الضروري إعادة تعريف العلاقة بين الحزب والسلطة والمجتمع، وهنا يمكن الجزم بأن السياسات تمثل الحل الأمثل لتعافي هذه العلاقة، بدلاً من التدخل المباشر في القرارات التنفيذية للحكومة، حيث تتيح للحزب أن يركز على وضع السياسات التي توجه الحكومة وتحدد الأهداف العامة للدولة، وهذا جوهر ما طالب به السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه أمام مجلس الشعب: “السياسات هي مرجعيتنا كمجلس شعب بالنسبة للرقابة تجاه السلطة التنفيذية”.

ومن خلال السياسات، يمكن للحزب أن يمارس دوره كقوة فكرية وسياسية وجماهيرية قائدة، دون أن يتورط في التفاصيل التنفيذية التي يجب أن تكون من اختصاص الحكومة، هذا الانتقال يتيح للحزب أن يقوم بدوره الحقيقي في الرقابة والمحاسبة، مما يساعد في تعزيز ثقة المجتمع والحكومة بدوره. هذه الثقة القائمة على السياسات تتيح مساحة أكبر للحكومة للعمل بحرية وفعالية، بينما يحتفظ الحزب بدوره في التأثير على الاتجاهات الكبرى للحياة العامة في البلاد.

إن وجود السياسات الواضحة يساعد الحزب على مراقبة ومتابعة الحكومة في تنفيذ السياسات التي وضعتها قيادة الحزب، بدلاً من ترك الأمور للتفسيرات الفردية أو الاجتهادات الشخصية، وهذا الدور يضمن للحزب أن يبقى جزءاً فاعلاً من الحياة السياسية والاجتماعية في سورية دون أن يكون عقبة أمام الحكومة، كما يعزز من الشفافية في العمل التنفيذي، حيث تكون الحكومة ملزمة بتنفيذ السياسات والتوجهات المتفق عليها مسبقاً، ما يسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية،  إلى جانب دور الحزب، ينهض مجلس الشعب بدور محوري في متابعة تنفيذ السياسات ومحاسبة الحكومة، فالسياسات العامة ليست مجرد خطط، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه عمل الحكومة والوزارات، ومن خلال هذه السياسات، يصبح من السهل على مجلس الشعب تتبع عمل الحكومة والتأكد من أنها تعمل وفق الأهداف الموضوعة.

في هذا السياق وفي الثاني من الشهر الجاري أقرت ورشة العمل برئاسة الرفيق الأمين العام المساعد د. إبراهيم الحديد إنجاز اقتراح التعديلات المطلوبة على النظام الداخلي للحزب، استلهاماً لما طُرح في الاجتماع الذي ترأسه الرفيق بشار الأسد الأمين العام للحزب في 28 آب الماضي، وعليه فإن إقرار هذه التعديلات على النظام الداخلي لحزب البعث العربي الاشتراكي يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز قدرته على تبني سياسات واضحة وفعالة من خلال جماهيره وبنيته التنظيمية الواسعة والممتدة،  كما تهدف إلى تحديث الهياكل التنظيمية للحزب وتوفير مرونة أكبر في اتخاذ القرارات، وبفضل هذه التعديلات، سيكون للحزب إطار تنظيمي أقوى يسمح بتطوير سياسات تخدم أهداف الدولة والشعب، كما يجب أن  تعزز هذه التغييرات التنظيمية قدرة الحزب على الرقابة والمحاسبة، بما يضمن تنفيذ السياسات بشكل دقيق وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.

إن تنفيذ السياسات بشكل منهجي وصحيح يساهم في تطوير مؤسسات الدولة في كافة المستويات، فالسياسات الفعالة في التعليم، الصحة، الاقتصاد، والبنية التحتية يمكن أن تؤدي إلى تحسين جودة الحياة العامة وزيادة فرص التنمية بأنواعها، وعندما يلتزم الحزب والحكومة بتنفيذ السياسات بشكل مشترك وممنهج وطنياً وإدارياً، فإن ذلك يعزز الثقة بين المواطنين والسلطة ويحقق استقراراً أكبر، فالسياسات ليست مجرد أدوات نظرية أو كلمة عابرة، بل هي الأساس الذي تقوم عليه علاقة الحزب بالحكومة والمجتمع، ووسيلة لمجلس الشعب لمحاسبة السلطة التنفيذية، فمن خلال السياسات، يمكن تحقيق التغيير الذي طالب به السيد الرئيس بشار الأسد، وتعزيز الاستقرار والتنمية لتمثل جسراً بين الحزب والدولة والمجتمع، وتفتح آفاقاً جديدة للتطوير والتغيير المنشودين.