دراساتصحيفة البعث

مقامرة نتنياهو التالية

هيفاء علي

يواصل رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جرّ المنطقة إلى حرب لا نهاية لها في الأفق. وعلى الرغم من تدمير قطاع غزة، فإن الكيان الإسرائيلي بعيد كلّ البعد عن تحقيق “النصر” على ما تسمّيه “الجبهتين” الشمالية والجنوبية.

ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”، اعترف كبار المسؤولين الأمريكيين بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية بذلت كلّ ما في وسعها عسكرياً في غزة، لكنها فشلت في تدمير المقاومة. وفي 25 آب الماضي، تدهور الوضع فجأة على حدود لبنان الجنوبية، حيث قام أكثر من 100 طائرة مقاتلة بضرب منصات إطلاق تابعة للمقاومة اللبنانية في جنوب لبنان بشكل استباقي. كما اعترض جيش الاحتلال الإسرائيلي عشرات الطائرات بدون طيار الهجومية التي كانت متجهة نحو وسط “إسرائيل”. وفي وقت سابق، ردّت المقاومة اللبنانية بإطلاق 250 صاروخاً و20 طائرة بدون طيار على شمال “إسرائيل” رداً على اغتيال القائد فؤاد شكر.

نتنياهو يلعب باستمرار وبشكل متعمّد بورقة جرّ المنطقة إلى الحرب، وكانت محاولته الأولى هي ضرب البعثة الدبلوماسية الإيرانية في دمشق، واغتيال جنرال في الحرس الثوري، لكنها فشلت وكان ردّ إيران متوازناً.

وكانت المحاولة الثانية اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران. ويتوقع نتنياهو أنه إذا ردّت إيران على اغتيال هنية وانتقمت، فسوف تضطر الولايات المتحدة إلى ضرب إيران، وربما يقرّر نتنياهو، الذي يرى أن إيران تتوقف ولا تستسلم لمغامراتها، أن يخوض مقامرة أخرى بتوجيه ضربة عدوانية لإيران، تحت ذريعة ما.

وإذا استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد هجوم على إيران قبل الانتخابات الرئاسية حتى لا تخسر كاميلا هاريس، ولا تنتقم إيران، فيمكن لنتنياهو توسيع الحرب إلى الضفة الغربية. وللقيام بذلك، يمكنه أن يذهب إلى حدّ القيام باستفزاز كبير في المسجد الأقصى. على سبيل المثال، يمكنه أن يشعل النار في المسجد الأقصى لتشجيع الفلسطينيين على الانتقام. وفي الوقت نفسه، لا بدّ من الأخذ في الاعتبار أن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، الذين يبلغ عددهم أكثر من 700 ألف، بينهم عشرات الآلاف من حاملي الجنسية الأمريكية بالإضافة إلى الجنسية الإسرائيلية، قد حصلوا على كمية كبيرة من الأسلحة استعداداً لتنفيذ الأوامر واستهداف الفلسطينيين عند تلقي الإشارة.

وبالنسبة لنتنياهو وحاشيته، كلما كان الوضع أسوأ، كلما كان أفضل. يحتاج الصهاينة إلى الحرب لتحقيق مشروعهم للنكبة الثانية بشكل كامل، وهذا يسمح لنتنياهو بالبقاء في السلطة. ونتيجة لذلك، أصبحت الولايات المتحدة محاصرة في دعمها العسكري غير المشروط لـ”إسرائيل”، ولم يعد لدى نتنياهو الكثير من الوقت لجرّ إيران إلى الحرب.

وكما تشير الصحف أنه في العام الذي أعقب 7 تشرين الأول 2023، وجدت “إسرائيل”، تحت قيادة نتنياهو، نفسها في أسوأ وضع استراتيجي في تاريخها.

أما محور المقاومة فقد فهم نوايا نتنياهو، وبحسب عدد من المؤشرات، فقد اختار تكتيك إنهاك “إسرائيل” على كافة الصعد.