“دقيقتان ونصف” رواية كتبتها أليسار عمران في يومين ونصف
أمينة عباس
بعد طباعتها في الأردن منذ سنتين، احتفت الكاتبة أليسار عمران، مؤخراً، بروايتها الأولى “دقيقتان ونصف” في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة، وهي كما تقول الكاتبة: “رواية دراميّة عن الحب، تدور حول أسرة وتفاعلاتها مع مجتمعها وتأكيد أهمية تربية الطفل لأننا إذا أردنا بناء بلادنا يجب البدء من الأسرة، مع التركيز على أن الحب حين يقوم على البناء فهو أعظم الثورات في حياتنا”، وتضيف عمران: “كتبتُ الرواية خلال يومين ونصف فقط، وكان الدافع الأساس لكتابتها بهذا التدفق حساسيتي الكبيرة تجاه موقف معيّن تعرّضتُ له، وقد أردتُ حرف ذاكرتي عمّا حصل من خلال اللجوء إلى كتابة الرواية التي طبعتُها منذ سنتين في الأردن لإيصال رسالة جميلة عن سورية إلى العالم”.
انتقلت أليسار عمران -وهي الشاعرة التي في رصيدها عدد من المجموعات الشعرية- من كتابة الشعر إلى الرواية بشكل مقصود، وتحدثنا عن ذلك قائلة: “أذهلتني قراءاتي الكثيرة لشعراء كتبوا الرواية وأردتُ من خلال تجربتي أن يتلمّس القارئ المختلف الذي يقدّمه الشاعر حين يلج عالم الرواية، وأرى أن ميزة الشاعر الروائي هي أنه يدخل إلى العمق في تصويره للأشياء، لذلك لا أتخلى عن الشاعر الذي في داخلي حين أكتب الرواية، وأعترف بأنني لم أكن أخطّط لكتابة الرواية، فعلى الرغم من أنني قارئة جيدة لم أكن أتجرأ على الخوض في عوالمها، وقد ساعدني تحصين نفسي بالثقافة العالية والاطّلاع على كل العلوم والآداب العالمية على السير في دروبها”.
بسؤالين مهمّين تفرضهما رواية “دقيقتان ونصف” هما: “كيف يسيطر الكاتب على مسار الأحداث والشخصيات في الأزمنة والأمكنة المتعلقة بهما؟ وما الذي تريده الرواية؟ أو ما الذي يحمله المعنى؟” بدأ الكاتب عماد نداف حديثه عن الرواية: “في الإجابة على هذين السؤالين تأخذنا الرواية للحديث عن مهارات الكتابة عند الكاتبة التي تصدّت لرواية تحتاج إلى مساحة أطول من السرد تذكّرنا بروايات نجيب محفوظ الطويلة التي تتنقل فيها الأحداث بين جيل وجيل، لكنها اختزلت الأحداث وزادت الشخصيات، وتركتنا نبحث عن مسارات تتخيلها بجدية، وقيامها باختزال الزمن بعباراتها الموجزة جعلها تفقد الإمكانيات الكامنة عندها، أو ربما أرادت تحدي نصها بكثافة العبارة والحدث، فهي مضطرة إلى القفز عن السلوك والملامح والطباع وكأننا أمام ضبط شرطة في لغة التحقيق، أو أمام بروفة جنرال للانتقال إلى الرواية الطويلة”.
كيف قدّمت أليسار عمران أحداث الرواية التي اشتغلت عليها تحت اسم “دقيقتان ونصف”؟ كيف فككتها وأعادت بناءها برشاقة كاتبة ماهرة؟ يقول عماد نداف: “أفردت الكاتبة مساحة لأكثر عنصرين أهمية في الرواية وهما المكان والزمان، وصنعت جديلة ذهبية من أحداث وشخصيات، فإذا هي أمام نص مهمّ جداً على الرغم ممّا فيه من مشكلات تتعلق بآليات التعاطي مع الشخصيات في عملية السرد، لكن من الحق الاعتراف بأن بنية هذه الرواية تجعلنا أمام تجربة سردية مهمّة بنت عليها الكاتبة تصوراتها وأسلوبها الخاص في وقت يتحاشى فيه بعض الكتّاب الذهاب إلى تعقيدات الكتابة عن أزمان مختلفة في ظروف مختلفة لشخصيات تنبض بالحياة”.
وبعد مقدمة اختزل فيها الكاتب رياض طبرة عالم الرواية كجنس أدبي “ذات رسالة نبيلة يقدّم فيه الروائي من خلالها خلاصة ثقافته ومعارفه وطاقاته، ليأتي بناؤها واضحاً وجلياً نتيجة معاناة في التعديل والتبديل وتغيير في الشخوص وترتيب الأحداث يتطلب التروي ويستهلك زمناً غير محدود ربما يمتد لأشهر أو سنوات”، ويتساءل طبرة عن زمن إنجاز الرواية وهل هو كافٍ؟ أم أن عمران تعجلت في روايتها؟ وما إذا كانت قد ظلمت شخصياتها المحورية والثانوية؟ ويقول: “أعترف بأنني قرأت الرواية في عجالة مدفوعاً إلى الخاتمة، ومن حيث الحدث لا جديد في بعض قصص الرواية، لكن الجديد فيها هو القفزة في الفراغ التي قفزتها بعض شخصياتها، بالإضافة إلى أن الكاتبة حشدت من العبارات المنتقاة مطلع كل فصل ما يلزمنا أن ندقق ونمعن النظر في صلة العبارة بالنص، إضافة لما يحمله من حكمة، وهذا كثير في الرواية.. لقد قالت ما قالت أليسار عمران في “دقيقتان ونصف”، لكن كيف قالت ذلك؟ وأي لغة سردية تمكّنت من التعبير عن الحدث والمشاعر؟ وهل وظفت الحوار على نحو يؤدي دوره؟ وإلى أي مدى نجحت في التوازن ما بين اللغة السردية والشاعرية حتى فرضت علي قراءة رواية كتبت بساعتين أن أقرأها بساعتين.. إنه التشويق ووجود شخصيات مختلفة في ثقافتها عن ثقافتنا”.
يُذكر أن لأليسار عمران العديد من المجموعات الشعرية مثل “غاندي”، و”بكى القمر” ومجموعة بالعامية بعنوان “كمشة شتي” وكتابا خواطر بعنوان “حفنة أسرار” و”عاشقان” ومجموعة قصصية هي “قمر نابلس”.