جدران المدارس إعلانات مجانية للمعاهد الخاصة.. و”على عينك يا مدير”!!
البعث- علي حسون
رغم كلّ القرارات والتعاميم والتشديد، لم تستطع وزارة التربية كبح جماح المؤسّسات التعليمية الخاصة في استغلال جدران المدارس الحكومية لنشر إعلاناتها الخاصة بشكل مجاني دون رقابة، وبمعرفة مديري تلك المدارس وفي ظل إهمال وتقصير الجهت المعنية بالمتابعة. وما يزيد الطين بلّة عدم اكتراث المعنيين في وزارة التربية أثناء جولاتهم على المدارس بهذا الأمر، ولاسيما أنهم يرون هذه الإعلانات بأم العين وأحياناً يتلقطون الصور أمامها!.
تشويه وعشوائية
تربويون أبدوا استياءهم من هذه الظاهرة التي شكّلت تشوهاً لمظهر المدارس مع انتشارها العشوائي، معتبرين أن الظاهرة سلوك غير حضاري يتنافى مع تعليمات وقرارات وزارة التربية التي تؤكد على إزالة جميع الإعلانات من جدران المدارس، لكنها لم تجد صدىً عند مديريات التربية ومجمعاتها ومدارسها لتبقى القرارات على الورق وبقيت الإعلانات على الجدران.
هذه الظاهرة تلقى انتشاراً واسعاً في الأرياف أكثر من المدينة، وخاصة في البلدات والمناطق الشعبية من دون تقيّد بأي نوع من التعليمات والأنظمة التربوية، وعلى عينك يا مدير -كما يقال-، إذ اتهم متابعون مديري مدارس بالتواطؤ مع هذه المعاهد والمدارس الخاصة والسماح لها لاستغلال جدران المدرسة لنشر إعلاناتهم مقابل هدايا أو تعاقد لديهم كمدرّسين أو…، في الوقت الذي اعتبر مختصون أن الأمر لا يتعدى التقصير والإهمال والجهل بالقوانين.
تعميم مظلوم!
“البعث” تابعت الموضوع مع المعنيين في “التربية” الذين طلبوا التريث للعودة إلى الشؤون القانونية، ومعرفة هل هناك قانون أو مادة بالتعليمات التربوية حول هذه الظاهرة؟.
من يعود لما أصدرته وزارة التربية من قرارات وتعاميم تربوية خلال السنوات الماضية، يجد أن وزارة التربية قد أصدرت تعميماً منذ ست سنوات يتضمن منع استخدام جدران المدارس لنشر الإعلانات. وهذا التعميم لم يحظَ كغيره من التعاميم بفرصة التكرار والتأكيد مرة جديدة، ليبقى حبيس الأدراج رغم أهميته الكبيرة، ولاسيما في ظل ما تشهده أغلب مدارسنا، فمن يسير في شوارع أغلب مناطق ومدن ريف دمشق يشاهد إعلانات المدارس والمعاهد الخاصة تلوّن الجدران من خلال لوحات مخطّطة تشرح ما يقدّمه المعهد “الفلاني” من ميزات وتفخيم بالكادر التدريسي الموجود لديها، إضافة إلى كتابات من نوع آخر بألوان مختلفة تستغل وتصطاد تلك المعاهد الخاصة بالمياه العكرة، حيث تحاول استقطاب الطلبة من خلال الإعلان عن دورات تقوية حول نماذج الأسئلة الامتحانية المؤتمتة وغيرها من العروض الرنانة غير آبهين بأيّ قرار أو تعميم تربوي، متجاوزين الخطوط الحمراء التعليمية التي يُفترض أن تكون ضامنة وحامية لحرمة جدران المدارس الواجب تزيينها برسومات تحثّ على التعليم وتشجع عليه، أو رسومات وتوضيحات بعض دروس المناهج.
مبادرات وتجميل
وأكد تربويون على ضرورة استثمار جدران المدارس لقضايا تربوية هادفة ومبادرات تهدف إلى تجميل شكل أسوار المدارس، بما يفيد العملية التعليمية باستخدام هذه الجدران للإعلان عن رسائل تربوية أو فنية من خلال فريق تربوي عامل في المدرسة بالتعاون مع الطلبة، إضافة إلى إمكانية رسم مناظر طبيعية وسياحية وآثارية والتعريف بها بشكل مختصر، أو رسم بعض أنواع الرياضة التي يمكن ممارستها في المدرسة، أو نصائح وإرشادات توعية وخاصة لمخاطر آفة المخدرات وغيرها من الآفات ومضار التدخين التي تستهدف جيل الشباب، إضافة إلى تعليمات طبية وصحية عامة، تساعد على نشر الوعي الصحي بين الطلاب وعامة الناس.
وكي نكون منصفين هناك الكثير من المدارس عملت على استثمار جدرانها بأجمل حلّة، ولاسيما الزخرفات والفسيفساء، إضافة إلى كتابة النصائح التي تجعل التلميذ يحبّ مدرسته ويتفاخر بها، خلافاً لما كان يشاهده من إعلانات لمعاهد خاصة تسوّق لنفسها وكأنها طريق نجاح الطالب وبوابة العبور إلى التفوق، كما يدّعي أصحاب تلك المعاهد الخاصة.
ختاماً يبقى للمدرسة هيبتها ومكانتها لدى المجتمع كونها منبراً تربوياً وثقافياً يساهم في نشأة المجتمعات وتكوينها، فلا بدّ من منع التشويش والخروقات والتجاوزات التي تسيء إليها، والمساهمة في النشأة الصحيحة والنظرة المثالية لهذا المكان.