دراساتصحيفة البعث

إلى متى ستبقى الضمائر نائمة؟

سمر سامي السمارة

وُصف العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه أول إبادة جماعية يتم بثها مباشرة على مستوى العالم، بدليل كثرة مقاطع الفيديو المؤلمة والأدلة الفوتوغرافية للأهوال التي لحقت بـ غزة على مدى الإحدى عشرة شهور الماضية.

باتت صور الأطفال الذين مزقت أطرافهم الغارات الإسرائيلية، وصور الأمهات اليائسات اللواتي يحملن أطفالهن الذين فارقوا الحياة، والجثث التي تم استخراجها من مقابر جماعية متاحة بسهولة للقراء المتابعين للصحف الكبرى، ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، وحتى مشاهدي منافذ التلفزيون.

ومن المؤكد أن أعضاء الكونغرس الأمريكي، الذين قاموا بتسليح وتمويل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة،  قد شاهدوا العديد من الصور ومقاطع الفيديو نفسها التي شاهدها العالم بأسره، فلماذا إذن يواصل العديد من المشرعين والقادة السياسيين الأمريكيين – بما في ذلك الرئيس جو بايدن، والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب – بدعم الحرب، على الرغم من الأدلة المرئية على المعاناة الهائلة التي تسببت فيها؟

في مقال نشره موقع “ميدل إيست” كتب المفكر والناشط في مجال حقوق الإنسان عمر سليمان: “لقد تم بث هذه الأحداث على شاشات الهواتف، والكمبيوترات، ووسائل التواصل الاجتماعي، ولا يمكن للضمير الحي أن يتجاهل ببساطة الجثث المشوهة لعشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين الذين لقوا حتفهم”. وأضاف سليمان: إن الإبادة الجماعية في غزة هي إبادة أميركية، وحان الوقت لكي يتأكد الأميركيون من تواطؤ إدارتهم.

يتضمن هذا المقال صوراً تم التقاطها في غزة مؤخراً، وركزت بشكل خاص على الأضرار التي يواجهها الأطفال وأهاليهم بسبب الحملة العسكرية التي لا نهاية لها في الأفق، حيث يعيق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محادثات وقف إطلاق النار.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن معظم شهداء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 11 شهراً على قطاع غزة هم من النساء والأطفال، على الرغم من أن أحداً لم يسلم من غاراتهم المميتة.

أمام هذا القدر الكبير من الأدلة على الفظائع الإسرائيلية، اختار المشرعون الجمهوريون تبرير جرائم الحرب الإسرائيلية، ففي شهر آذار الماضي، قال النائب الجمهوري تيم والبيرغ للناخبين أنه “لا ينبغي على الولايات المتحدة أن تنفق سنتاً واحداً على المساعدات الإنسانية لغزة، وينبغي أن يتم التعامل مع الأمر مثلما حدث في ناغازاكي وهيروشيما”.

ولدى سؤال رئيسة مؤسسة منظمة “كود بينك”، للنائب الجمهوري بريان ماست، عما إذا كان شاهد صور جميع الأطفال الذين استشهدوا في غزة،  قال إن الأطفال الذين لقوا حتفهم في غزة ليسوا مدنيين أبرياء.

في السياق، تظاهر آخرون، مثل بايدن وهاريس، بالاهتمام بمعاناة سكان غزة، بينما رفضوا دعم حظر الأسلحة ضد “إسرائيل”، والضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي المتعنت لقبول وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى.

خلال خطابها الشهر الماضي لقبول ترشيح الحزب الديمقراطي، استخدمت هاريس صيغة المبني للمجهول للتنديد بـما يحدث في غزة، قائلة: “إن حجم المعاناة مفجع” وكأنها ناجمة عن كارثة طبيعية، وليس قرارات سياسية متعمدة من جانب “إسرائيل” وحليفتها الرئيسية ومورد الأسلحة لها.

ومع ذلك، يمكن الإشارة إلى العدد القليل ممن أدانوا بشكل حقيقي المجاز المرتكبة، فقد تحدث السناتور المستقل بيرني ساندرز إلى مجلس الشيوخ في حزيران الماضي حاملاً صور أطفال فلسطينيين يموتون جوعاً تحت الحصار الإسرائيلي، الذي أدى إلى تفاقم ظروف المجاعة في جميع أنحاء القطاع، متسائلاً ما نوع الضرر الدائم الذي سيلحق بكل هؤلاء الأطفال تقريباً؟. وقال أحد نشطاء حقوق الإنسان: “لا يمكن للضمير السليم أن يتجاهل ببساطة الجثث المشوهة لعشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين”.