المال يتحول إلى غاية في أنديتنا.. و”الداعمون” سلاح ذو حدين
حمص- نزار جمول
لا يزال الاحتراف يقدّم نفسه في كرتي القدم والسلة بوجه واحد وهو المال، ولا تزال الأندية، وخاصة الكبيرة ببطولاتها وتاريخها وجماهيرها تُبتلى بوجود رجال الأعمال أو الداعمين الذين يدخلون الأندية وإداراتها من بوابة المحبة والانتماء لها، لكنهم سرعان ما يبدلون وجوههم من خلال التحكم بكلّ شاردة وواردة في الأندية ضاربين عرض الحائط بكل تاريخها وبطولاتها وعراقتها، ولتختزل كلّ هذه القيم بشخصية الداعم وأمواله التي ستكون عالة على النادي في وقت لاحق.
“البعث” استطلعت آراء خبرات بالعمل الإداري والفني في أندية مختلفة، حيث أكد مروان خوري ابن نادي الوثبة والعضو السابق في اتحاد كرة القدم أن المال أصبح من أهم العناصر في نجاح وتطور الأندية، شاء من شاء وأبى من أبى، معتبراً أن معظم الأندية لا تملك الاستثمارات التي تعود علبها بالمال اللازم، في وقت لا توجد فيه شركات راعية تدعمها بالمال لتغطية مصاريف الاحتراف، وأهمها أموال التعاقدات مع اللاعبين في كرتي القدم والسلة، لذا يتمّ الاعتماد على الداعمين بغضّ النظر عن سيرتهم الرياضية، وفهمهم للمتطلبات غير المالية من عدمه ومن ثم يقومون بسداد فواتير الاحتراف وأغلبهم يصبح صاحب القرار الأول والأخير في النادي.
وبيّن خوري أن وجود الخبرات الرياضية إلى جانب الداعمين أمر ضروري لنجاح العمل والأهم وجود شركات راعية مع إدارة رياضية تكون خبرتها حاضرة لنجاح العمل بكل مفرداته.
أما المدرّب المختص بكرة القدم عماد خانكان فقد أكد أن تطور منظومة الرياضة في أي مكان يستدعي توفر مقومات من أجل هذا التطور، فالمال يحب أن يقترن بوجود أشخاص يملكون الكفاءة الرياضية والإدارية بوجود عقلية احترافية، ومارسوا الرياضة سابقاً، وإذا لم تتوفر هذه الأمور فسيكون المال عاملاً سلبياً على الأندية، مبيناً أن تنظيم العملية الاحترافية من خلال التعاقدات الصحيحة التي يجب أن يشرف عليها أشخاص مختصون بالعمل الفني، فليس من الممكن أن يتمّ الاختيار من قبل أشخاص لم يمارسوا الرياضة لكنهم أحبوا أن يكونوا أسياد الموقف لأنهم يدفعون ليس حباً بالنادي بل حباً بالإدارة، وسيكون هذا الأمر في القريب العاجل مدمراً للأندية وبشكل ممنهج، وخاصة الأندية الكبيرة التي تعتبر هدفاً لرجال الأعمال.
وناشد خانكان كلّ المعنيين في الاتحاد الرياضي والخبرات الرياضية العمل على وقف هذا المدّ المالي الخطير على الأندية وألعابها، وخاصة كرتي القدم والسلة، مشيراً إلى أن الرياضة ذاهبة إلى الدمار إذا لم يتمّ إنقاذها بشكل سريع من خلال الشرفاء الذين يجب أن يأخذوا دورهم الذي يبدو اليوم ضرورياً جداً.
فيما شدّد المدرّب طلال شومان ابن نادي حطين على أن الخصخصة في ظل الخلل المالي لمعظم الأندية في عصر الاحتراف المنقوص هي حلّ مثالي من خلال تبني أي نادٍ من قبل شركة أو عدة شركات تجارية أو صناعية أو غيرها لتكون الأندية تعمل بنظام ثابت وليس متغيراً تحت رحمة الداعمين الذين يبدو وجودهم اليوم في ظل انعدام الرؤية الواضحة للاحتراف ضرورياً.
وأكد المدرّب رافع خليل من كوادر الوثبة أن الرياضة باتت بحاجة لأموال طائلة لتجري رياح مراكبها كما تحبّ وتشتهي، لذا تتجه إدارات الأندية إلى رجال الأعمال، فلا يمكن أن تدار عجلة ألعابها الرياضية من دون وجود المال بشرط وجود العقل الرياضي إلى جانب هذا المال، والاعتماد على الخبرات الرياضية لتكتمل العملية الرياضية، ويرى خليل أن تسليم الأندية لرجال الأعمال يعتبر سلاحاً ذا حدين، فهم ليسوا رياضيين ويمكن أن يبتعدوا بأية لحظة ويضعوا الأندية على حافة الهاوية، وأكبر دليل نادي الفتوة وما حصل له وما زال يحصل.
فيما كشف الكابتن عبد الحليم بيريني من كوادر نادي الوثبة أن الاحتراف مفهوم فضفاض، حيث لا يوجد ملعب جيد حالياً، ومدرّبون نصفهم لم يسمع بأسمائهم، وخاصة فرق الفئات، وإداريون كل همّهم الشهرة وتحقيق بطولة بأي طريقة واتحادات فاشلة، لذلك المال وحده لا يكفي كونه وسيلة، والأساس هو الإنسان المنظم إدارياً ومدرباً ولاعباً، والداعمون لا يريدون نجوماً ولا مبدعين بل يريدون كوادر تأتمر بأمرهم ولا يريدون أسماء أكثر جماهيرية وأكثر فهماً ودراية منهم. وأكد بيريني أن الحلول موجودة ومن خلالها يمكن الوصول بكرة القدم إلى مستوى فني عالٍ، لكن هل هناك من يستمع ويناقش، وهل ستكون تلك الأفكار والرؤى قابلة للتطبيق بدقة مع وجود فوضى عارمة في كلّ مفاصل كرة القدم؟!.