التهويل بالحرب واستحضار ورقة الإرهاب
تقرير- سنان حسن
في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها المنطقة، وعلى وقع العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، الذي يقترب من دخوله عامه الأول، يبدو أن نذر الحرب باتت على الأبواب، فحكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو لا تسعى إلى وقف الحرب في غزة، بل تواصل تصعيدها. تهديداتها تتوسع لتشمل لبنان، حيث تلمح بشن عملية عسكرية كبرى بهدف إبعاد المقاومة عن الحدود. هذا وقد كشفت مصادر واسعة الاطلاع لإحدى الصحف العربية عن تحضيرات “إسرائيلية” من بوابة المناورات واختبارات الجاهزية، بهدف تأمين الحدود اللبنانية الفلسطينية وضمان عودة المستوطنين إلى مستوطنات الشمال،
وفي ضوء هذه التطورات، تم تمرير أخبار عن فرار خمسة من قيادات “داعش” من أحد سجون ميليشيا “قسد” الانفصالية في الرقة، وهو خبر يحمل الكثير من الدلالات في توقيته ومكانه، وأهمها وجود تنسيق أمريكي “إسرائيلي” لإشغال الجيش العربي السوري في الشمال والجزيرة. وعليه فإن هروب قيادات “داعش” من سجون “قسد” الانفصالية لم يكن مجرد صدفة أو حادثاً اعتيادياً، بل جاء في سياق مخطط أمريكي لتمكين تلك القيادات الإرهابية من إعادة ترتيب صفوفها في المنطقة، وتمهيد الطريق لمهام جديدة يمكن أن تكلف بها هذه القيادات في المناطق الحيوية بين سورية والعراق، وخصوصاً في منطقة البوكمال.
لقد استثمرت واشنطن كثيراً في ورقة الإرهاب لتحقيق مصالحها في مناطق ساخنة حول العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، كانت هذه الورقة أداتها الأساسية في نشر الفوضى وتفتيت الدول على أسس طائفية وعرقية، والحرب الإرهابية على سورية خير دليل على ذلك، إذ استطاعت واشنطن، بالتعاون مع حلفائها في المنطقة، جمع إرهابيين ومرتزقة من أكثر من 80 دولة، بهدف تدمير الدولة السورية، وقد كان تنظيم “داعش، وجبهة النصرة” أمثلة بارزة على هذا المخطط.
والحال في ظل التوترات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، والانفلات الصهيوني الجنوني، والتنسيق الأمريكي الواضح والفاضح مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد أقل من شهرين، يبدو أن إعادة استخدام ورقة الإرهاب تجري بوتيرة متسارعة، فسجون ميليشيا “قسد” تضم أكثر من 65 ألف سجين بتهمة الانتماء إلى “داعش”، منهم 10,000 اعترفوا بانتمائهم للتنظيم، ونصفهم من الجنسيات الأجنبية، وبالتالي فإن إطلاق سراح هؤلاء السجناء تحت ذرائع “الهروب” أو “التمرد” سيؤدي إلى تصاعد الأوضاع، وربما أيضاً تركيب تمثيلات وفبركات إعلامية حول سيطرتهم على مناطق في الجزيرة السورية، ولكن هل سيكتب لها النجاح كما يعتقدون ويخططون؟.
خلال أكثر من عقد استطاع الجيش العربي السوري وحلفاؤه إفشال المخططات التي استهدفت زعزعة استقرار سورية والمنطقة. واليوم، في ظل الفشل الإسرائيلي في حسم معركته مع غزة، وتنامي المقاومة في جبهة الإسناد اللبنانية، بالإضافة إلى التصعيد في اليمن والعراق، يزداد الضغط على كيان الاحتلال، كما أن الولايات المتحدة تبدو غير راغبة في الانخراط في حروب قد تبعدها عن هدفها الرئيسي في مواجهة الصين، فهل يمكن لمخططات الكيان الإسرائيلي أن تنجح في ظل هذه المعطيات؟ أم أن ما نشهده هو مجرد حماقات لمسؤولين إسرائيليين يسعون للهروب إلى الأمام، آملين أن تُنقذهم هذه المغامرات من المحاسبة؟.