رأيصحيفة البعث

المشاريع الصغيرة .. الأنموذج الاقتصادي الأفضل

بشار محي الدين المحمد

بشكل متدرج يركز السيد الرئيس بشار الأسد على مجموعة من السياسات الاقتصادية موجهاً السلطة التنفيذية لوضع أسس جديدة لسورية بعد الحرب، واختصار أي وقت ضائع، أو أي بوادر استسلام لواقع اقتصادي أراد أعداء سورية تكريسه لتنفير كل عمل استثماري وتنموي.

لقد ركز سيادته خلال خطابه في افتتاح الدور التشريعي الرابع لمجلس الشعب على حقيقة أن المشاريع الصغيرة مهمة وضرورية لتأمين الدخل، لكن الأهم من ذلك ألّا تبقى تلك المشاريع على حجمها لتحقيق الغايات الاقتصادية الأمثل. وهذا التوجه تمت ترجمته منذ سنوات عديدة فعلياً، وشهدنا جميعاً كيف أن مشاريع المرأة الريفية تحولت إلى أسرية، والمشاريع الأسرية الريفية تتحول إلى قرى تنموية قادرة على إدارة مواردها الذاتية بإمكانات أبنائها على مستوى أصغر وحدة وبناء دليل موحد ينظم عملها.

ولعل في المتابعة الشخصية من سيادته ومن السيدة أسماء الأسد لتلك المشاريع دلالة كبيرة على هذا التوجه الحيوي في حياة السوريين، حيث زار في العام 2020 معرض التكية السليمانية والتقى أصحاب المشاريع الصغيرة، واستمع إلى تجاربهم التي وصلت حد التصدير، كذلك اطلع على تجربة القرى التنموية في الصين للاستفادة منها وتوطينها بما يناسب إمكاناتنا، وخلال لقائه ممثلي صندوق التعاضد الاجتماعي والتنمية قبل عدة أشهر نوه الرئيس الأسد بأهمية المشاريع الصغيرة لأنها هي الملائمة لبيئتنا، مبيناً أن المشاريع الكبرى تحتاج بيئة اقتصادية أعقد ومتطلبات أكبر، حيث عبر عن سبره بنظرة واقعية لأفق مشكلات واقعنا الاقتصادي، كما شدد على أن المشاريع الصغيرة هي عصب الاقتصاد سواء في سورية وحتى في الدول الكبرى ومن أهم أدوات بناء التنمية المستدامة والشاملة.

واليوم تترجم الحكومة خطة العمل هذه بالتعاون مع غرف الصناعة والتجارة والصناعيين، ومن أبرز البرامج على الأرض كان إقامة المعرض التصديري الأول “إكسبو”. هذا المعرض لم يكن مجرّد رسالة مضمونها “التعافي” أو رمزية “نحن عدنا”، بل الأهداف تتجاوز ذلك عبر مسارين: الأول يكمن في السعي بقوة إلى استعادة أسواقنا التصديرية في الجوار والعالم، من خلال جذب رجال الأعمال والتجار للاطلاع على منتجاتنا وإبرام الصفقات والاتفاقيات، والأهم احتكاكهم المباشر مع المنتجين السوريين لسبر احتياجات بلادهم ومواءمة طبيعتها والسعي نحو الالتزام بها، وتبادل الخبرات والمعلومات وتقانات العمل، بهدف تحقيق أكبر قدر من المبيعات التصديرية.

أما على المسار الثاني فالحكومة لم تغفل عن أهمية رأس المال الوطني الذي هاجر قبل، أو خلال، الأزمة، متابعاً نجاحاته في دول عديدة، ومشكلاً حجماً لا بأس به من اقتصادياتها، ولاحظنا في هذا السياق عدة لقاءات عالية المستوى معهم على مستوى السفراء والوزراء، وآخرها لقاء وزير الخارجية بهم في مصر، الذي اتسم بالاستماع لمشكلاتهم وهواجسهم لنقلها إلى الجهات المعنية في سورية في إطار توسيع بيئة الأعمال الجاذبة التي تسعى سورية بكل توجهاتها التشريعية والاقتصادية لرسمها وتجسيدها على أرض الواقع، بشكل متزامن مع تطبيق توجيهات قائد الوطن في مراجعة جميع السياسات الحكومية والتمويلية والإنتاجية السابقة، بهدف بناء اقتصاد قوي ومتين قادر على خلق فوائض زراعية وصناعية وصولاً إلى الخدمية والمعرفية.