وزارة الزراعة “تقلل” من أهمية دور الأطباء البيطريين وتسقطهم من التوصيف الوظيفي!
نجوة عيدة
تتعدّى نقابة الأطباء البيطريين في محافظة حماة صفة الإشراف وتنظيم العمل، إلى اعتبارها أحد الشرايين المهمّة لمعظم الوزارات في مختلف الميادين ذات الصلة بعملها، ورغم أن النقابة “بنت” وزارة الزراعة لا تعترف الأخيرة بمهندسيها وتسقطهم من قاموسها التوصيفي، لكن ليس سهواً بل علناً، لتترك بصمة ذات أثر سلبي على الأطباء وسير عملهم.
دور تنظيمي
النقابة تشرف على عمل الأطباء البيطريين بشكل عام وعلى تنظيم المهنة هذا صحيح وبديهي، لكنها اليوم، بحسب الدكتور عبد العزيز عبد المجيد شومل رئيس فرع حماة لنقابة الأطباء البطريين في حديث هاتفي لـ”البعث”، تساهم في تنظيم العمل بالقطاعين العام والخاص وتطوير مهنة الثروة الحيوانية، إضافة لمشاركتها في وضع القوانين المطوّرة للثروة سواء في قطاع الدواجن أو الأبقار والأسماك، وهي غالباً ما تسجّل حضورها في معظم اللجان الوزارية كوزارة الإدارة المحلية و”حماية المستهلك”، كما وصفها شومل، عبر الإشراف على عمل المسالخ وأصول الذبح وحماية الإناث إضافة للجان ضبط عمل المهنة.
الانتساب أولاً
وفيما يتعلق بمشكلات المهنة، أوضح الدكتور شومل أن النقابة تحاول دائماً تسليط الضوء على الصعوبات بمختلف المؤتمرات واللقاءات مع الوزارات التي تمّ ذكرها، محاولين استصدار قوانين للتخلص من العقبات وبالتالي تحسين واقع الثروة الحيوانية من خلال ملامسة المشكلات واقتراح الحلول، وفيما يتعلق بعدد الأطباء البيطريين في سورية، فهو يبلغ، بحسب شومل، قرابة 4500 طبيب منهم 1500 في حماة، مشيراً إلى أنه لا يجوز لأي طبيب مباشرة المهنة إلا بعد انتسابه للنقابة حتى الأستاذ الجامعي، عمله يندرج تحت مسمّى المهنة، ورغم أن أعمالهم واختصاصاتهم تختلف، لكنها بشكل عام تحقق حالة من التوازن والتطوير في الثروة الحيوانية، ومجرد وجودهم هو حماية وضمان للقطاع، على حدّ تعبيره، مبيناً في السياق ذاته أن عدد العيادات البيطرية المرخصة بحماة كان قد بلغ العام الماضي 8 عيادات، إلى جانب المختص منها بالحيوانات الصغيرة كالكلاب والقطط التي بدأ اقتناؤها يتطور في المحافظة، وبلغ عدد مستودعات بيع الأدوية بالجملة 22 مستودعاً مرخصة و46 مكتباً للخدمات لبيع الأدوية بالمفرق أيضاً مرخصة، إلى جانب ذلك يقيم فرع نقابة أطباء البيطرة دورات للتعامل مع الحيوانات الصغيرة ودورات إيكو وتشخيص الأمراض والتشخيص المخبري وربطه بالمداجن والثروة الحيوانية وبالتربية والتغذية، إضافة لقطاع المجترات للأمراض المستعصية التي يستصعبها الخريج، وإجراء دورات على العمليات الجراحية، حيث تستقبل “محافظة النواعير” جميع أطباء سورية ليشتركوا بتلك الدورات والتي أغلبها مجانية باستثناء التشخيص المخبري حيث يتمّ تقاضي رسوم المواد فقط.
غيرة مهنية بمحلها
وعلى ما يبدو النقابة غير راضية عن وزارة الزراعة التي تعتبر الأب الراعي لقطاع الثروة الحيوانية ويلمس أطباؤها انتقاصاً من قيمتهم واستخفافاً بعملهم، هذا ما بدا واضحاً من لهجة الدكتور شومل وغيرته على مهنته وعمله حيث قال: “نحن نكافح للوصول إلى توصيف إداري صحيح، هناك ظلم في وزارة الزراعة وتغييب للأطباء البيطريين عن بعض المناصب القيادية في مديريات الإنتاج الحيواني وتطوير الثروة الحيوانية، فيقولون مهندس زراعي فقط، نحن نجتهد اليوم من أجل التوصيف وهو مطلب دائم لنا وحق شرعي يجب الحصول عليه”، ورأى أن الطبيب البيطري يجب أن يكون موجوداً في جميع القطاعات الإدارية التي يستحقها تحت مبدأ الكفاءة هي المعيار، وأشار إلى معاناتهم المستمرة ضمن وزارة الزراعة وعدم مساواتهم مع زملائهم من المهندسين الزراعيين رغم أن أطباء البيطرة أغلبهم ذوو شهادات عالية ودرجات ممتازة، منوهاً بأن تطوير الثروة الحيوانية يحتاج لإحداث هيئة عامة لها تضمّ كلّ قطاعات الثروة الحيوانية الموجودة بوزارة الزراعة لأننا دولة تعيش على القطاع الحيواني والزراعي بالدرجة الأولى.
دور التعليم العالي
النقابة تنتمي لوزارة التعليم العالي، فهي من تحدّد معدلات القبول لمن يستحقها، وهنا يرى الدكتور شومل أن المعدلات لا تليق بمستوى المناهج التي يدرسها طالب كلية الطب البيطري، فهي تعادل مناهج الطب البشري وتتعداها أحياناً في الصعوبة، وهنا لا بدّ من التذكير برأي سابق لعميد كلية الطب البيطري الدكتور عبد الكريم قلب اللوز بحماة الذي كان له مأخذ على هذا الجانب، إذ اعتبر أن من يريد الدخول للكلية عليه أن يحصل على علامات تليق بالمنهاج وبالعمل الذي سيلقى على عاتق الخريجين، وتساءل شومل لماذا يتمّ دخول نحو 500 إلى 600 طالب سنويأ إلى الكلية، بينما لا يتجاوز عدد الخريجين الـ 100 على مستوى سورية، أي ما يعادل 80% من الطلاب غير متخرجين، وهذا يدلّ على أن المناهج تحتاج لطالب جيد جداً ورفع سوية الطالب تؤدي لطبيب كفؤ وقطاع ثروة حيوانية معافى وصحي.
تهريب تحت عباءة الرسمي
لم يسلم الفروج وبيض التفقيس والصيصان من المهرّبين، فالدولة عندما سمحت بإدخالها قصدت بذلك ما يُربى داخل الأراضي السورية، لكن بعض ضعاف النفوس – بحسب شومل – استغل القرار لصالحه وبدأ باستقدامها من تركيا إلى مناطق يسيطر عليها المسلحون ثم تهريبها، وهذا أمر خطير باعتبارها غير معرّضة للحجر الصحي، حيث بدأ مؤخراً ظهور بعض الأمراض كالتهاب الكبد وطاعون الدواجن، ورغم أنها غير منقولة للبشر لكنها تسبّب بنفوق مخيف بالأفواج وخسارة ضخمة للمربين، ولأن قطاع الدواجن قد رصد له المليارات، بحسب الدكتور عبد المجيد شومل، من الضروري العمل على حمايته وتطويره بدل سوقه للانهيار، وحينها لن ينفع الندم!
هامش..
يُذكر أن نقابة الأطباء البيطريين السوريين أحدثت بموجب القانون 42 لعام 2002، وتعمل النقابة على تحقيق عدة أهداف منها: المساهمة في تطوير القطاع الزراعي في سورية، بما يخصّ الشق الحيواني منه عن طريق الاشتراك في الهيئات والمجالس المختصة، ووضع التوصيات والاقتراحات لحلّ المشكلات المتعلقة بالصحة الحيوانية، ودعم القطاع الصحي البيطري وتعزيز دوره بما يكفل تحقيق الخدمات الصحية البيطرية للثروة الحيوانية وتطويرها كماً ونوعاً. كما تعمل النقابة على الارتقاء بمهنة الطب البيطري علمياً وعملياً بما يحقق تطور الثروة الحيوانية لتفي بمتطلبات التنمية، وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع، وغيرها من الأهداف الأخرى المهمّة.