مشروعاتنا الصغيرة…!!
وائل علي
إذا كانت شيفرة حل مشكلاتنا وصعابنا الاقتصادية والانتاجية والحياتية تكمن في جزء كبير منها بدعم مشروعاتنا الصغيرة والمتناهية الصغر، وتيسير عقباتها، وتصفير مشكلاتها، وفق “شبه إجماع” المحللين والخبراء والمختصين الاقتصاديين، فما هي العوائق والعقبات، وربما الإرادات والإدارات (أحيانا!!) التي تحول دون ذلك، وتتفنن في اختراع العراقيل، وبناء الحواجز والجدران التي تثبط عزم المندفعين والمريدين من أصحاب هذه الخيارات والمنتصرين لها!؟
مع ذلك، هناك من نجح من أصحاب تلك المشروعات في سباق الحواجز المصطنع واستطاع تخطيها بنجاح لافت ومدهش، وتمكن من انتزاع ثقة المستهلكين، وجعل منتجه الغذائي المتنوع والآمن صحياً والمستحب بنكهته، أو مشغولاته اليدوية المتعدة الأشكال والأصناف التي لا يغيب عنها الإبداع وفرادة الفكرة وألمعيتها وندرة انتشارها، ماركة مسجلة تتصدر قائمة مشتريات الزبائن الذين يضطرون، في بعض الأحيان، للّجوء إلى ما يعرف بـ “التواصي”، بالنظر لجودة المنتج دون النظر للسعر!!
مع ذلك، هناك – وهذه حقيقة – كم هائل من نتاج تلك المشروعات يتكدس لدى أصحابها في بيوتهم ودكاكينهم ومحلاتهم، ولا يجد من يتسوقه أو يشتريه، وربما يتعرضون للابتزاز والتنمر التسويقي – إن صح الوصف – بهدف شرائه بأبخس الأثمان و”برخص التراب”، كما يقال، لتصبح هذه المنتجات مثل “الهمّ على قلب” منتجيها وأصحابها ومسوقيها الذين تورط بعضهم بالاستدانة واستجرار القروض، وما إلى ذلك، والاضطرار للتخلي عن المشروع وخروجه القسري من ساحة العمل والانتاج!!
ما العمل إذاً؟
إننا نعتقد أن للدولة بمؤسساتها وأذرعها الإيجابية دوراً لا يجب أن يغيب أو يخبو عن رعاية هذه المشروعات، والأخذ بيد أصحابها، وهي مشروعات، وإن بدت صغيرة ومتناهية في الصغر، ستكبر بفضل الرعاية والحماية والرقابة والتأكيد على الجودة ومطابقة المعايير والمواصفات والمقاييس، وستنهض وتنمو لتغدو مشروعات عملاقة قوية قادرة على الوقوف على أرجلها، والمضي قدما دونما حاجة لأحد؛ ولنا في الكثير من أسواق الدول النامية الناجحة قدوة يحتذى بها.
ولكن هذا لن يكون إلا بتأمين وافتتاح الأسواق والإكثار من دورات التأهيل والتدريب على المهارات المختلفة وإقامة مهرجانات ومعارض التسوق النوعية وتقديم العروض القوية والترويج لها في الداخل والخارج، وبغير ذلك فإننا سنخسر بردة فعل سلبية سريعة تلك المشروعات وسيتم التخلي عنها، لنتحول إلى بلد وشعب مستهلك لأبسط الاحتياجات التي كنا يوماً سادة صناعها ومنتجيها المهرة، و”مطبلين مزمرين” مهللين لـ “الفرنجي برنجي” – كما يقال – وهذا هو حالنا اليوم، إلى حد كبير، مع الأسف..