لماذا وقع الممثل السوري في هذه المطبات؟
نجوى صليبه
برامج غير حوارية
تحظى المقابلات التي يجريها الفنّانون السّوريون على القنوات التّلفزيونية العربية بنسب مشاهدات عالية، لكن للأسف الشّديد لا يستثمر بعضهم ـ إن لم نقل غالبيتهم ـ هذا الأمر بشكلٍ جيّد، إذ يجترّ المشكلات والقصص ذاتها، ولا يخجل من الحديث مراراً وتكراراً عن خلافه مع فنّان أو فنّانة، والكفّة هنا تميل لمصلحة الممثّلات، أي أنّ حديثهن عن الخلافات والغيرة وسرقة الرّجال هي الطّاغية، أمّا أسئلة السّرعة أو تلك التي جوابها كلمة واحدة أو يشترط المقدّم الإجابة عليها بنعم أو لا فقصّة أخرى، طبعاً السّبب معروف ولا يخفى على أحد، لكن سؤالنا هو: لماذا وقع الممثل السّوري في هذا المطبّ؟ هل كان ينقصه شهرة؟ وهل كان ينقصه مالاً لم يحصل عليه من الأعمال المشتركة؟ أم أنّ عقد العمل مع شركات الإنتاج التي تنتج هذه الأعمال ينصّ على ذلك؟، إن وضعنا جانباً شروط عقد العمل نقول بإمكان أي ممثّل التّهرّب من الجواب أو الاتّفاق مسبقاً مع معدّ البرامج أو حتّى الاشتراط عليه ألّا يتطرّق إلى مواضيع الخلافات مع الآخرين.
طبعاً لا ننادي ببرامج حوارية جامدة، لكن في الوقت ذاته يجب احترام المهنة والدّراسة الأكاديمية والثّقافة الواسعة التي يتمتّع بها الممثّل السّوري ويضرب بها المثل، كذلك أخلاق الممثل السّوري التي كانت تمنعه من استغياب زملائه أو الحديث في أمور شديدة الخصوصية، حتّى على هذه القنوات ذاتها.
نستذكر هنا المقابلات والحوارات التّلفزيونية السّورية والعربية التي أجراها مقدّمو برامج مثقفون، كانوا لا يتحدّثون إلّا بالفنّ وهمومه ومشكلاته ومستقبله، على الرّغم من أنّ الخلافات لم تكن غائبة آنذاك ـ لكنّهم لم يسمحوا لها بأن تصبح ظاهرة أو موضوع نقاش عام.
نقول قولنا هذا ونحن نستذكر أيضاً أيّام كان الممثّل السّوري معتاد على أسئلة صحفية ثقيلة وعميقة، ولم يكن يقبل الإجابة على أسئلة بعض الصّحفيين المبتدئين أو حتّى المخضرمين الذين كانوا يعتمدون أسئلة عادية وتمهيدية كانت تعرف بأسئلة “كسر الجليد”، بل كان ينعتها بالـ”سخيفة”.
الرّقص كعنصر حوار!!!
واستكمالاً للموضوع السّابق، نخصص هذه الكلمات للحديث عن الرّقص الشّرقي الذي تبدع به الممثّلات السّوريات وغير السّوريات وكأنّ هذه الفقرة أصبحت لازمة في البرامج الحوارية، ولاسيّما أنّ “حزام الخصر” جاهز دائماً على طاولة مقدّم البرنامج الذي “يحزّم” الممثلة بيديه ويعطي أمراً للفرقة الموسيقية بالبدء، وبعد أن تنكر قدرتها على الرّقص أو حتّى معرفتها به بقليل من الدّلال والغنج، تبدأ الموهبة بـ”التّفتّق” يميناً وشمالاً، وفور تحميل المقطع المصورّ لهذه “الرّقصة” على شبكات التّواصل الاجتماعي تأخذ نسبة المشاهدة منحى تصاعدياً، ومعه يبدأ أفراد البرنامج بالتباهي وكأنّهم حققوا هذه النّسبة وهذا النّجاح بـ”خصورهم” ـ عفواً ـ بمجهودهم الشّخصي.
في استثمار النشّاطات الثّقافية
في أحد النشّاطات الثّقافية التي حضرتها، مؤخّراً، وقبيل بدء المحاضرين بصعود المنبر، بدأ رجل ـ لا أظّنه من روّاد المركز الثّقافي الدّائمين ـ بتوزيع بطاقات صغيرة على الموجودين، قلت ربّما يدعوهم إلى نشاط آخر في وقت لاحق، وهذا ما كان يحصل ـ أحياناً ـ أيّام كانت الدّعوات عبارة عن بطاقات كرتوينة صغيرة، إلى أن جاء دوري وأعطاني بطاقة مثل بقية الحضور، وإذ هي دعاية لمحل أزياء وملابس، إذاً الرّجل يسوّق لعمله الخاص وتجارته في المركز الثّقافي، وهو بذلك لا يضرب عصفورين بحجر بل أكثر من ذلك بكثير.
ولكي أكون منصفة، هذا الأمر لم أشاهده سابقاً إلّا مرّة واحدةً، لكن لا بدّ من التّنويه به، لكي لا يتكرر ويصبح ظاهرةً سيئةً جديدةً تضاف إلى أخواتها.