أبراج “التحالف”.. محاولة لتكريس الانفصال
تقرير- سنان حسن
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية، ممثلة بما يسمى التحالف الدولي، تعزيز حالة الانقسام في سورية عبر دعم مشروع انفصالي في مناطق شرق الفرات تحت ذريعة محاربة تنظيم “داعش”. ويأتي هذا الدعم من خلال بناء جدار فاصل مزود بأبراج مراقبة يمتد من ريف دير الزور الشرقي إلى الحدود السورية العراقية، حيث تقوم ميليشيا “قسد” الانفصالية بتنفيذ هذا المشروع، الذي يخدم أجندتها الانفصالية ويمهد لعزل المناطق التي تسيطر عليها عن مناطق الحكومة السورية.
منذ اللحظة الأولى، أعلنت العشائر العربية رفضها القاطع لهذا المخطط، معتبرةً إياه تهديداً لوحدة الأراضي السورية، وبدأت العشائر بمقاومة المشروع عبر استهداف المعدات الهندسية المستخدمة في بناء الجدار.، وتأتي هذه المواجهات في إطار تصاعد التوتر بين “قسد” والمقاومة الشعبية العشائرية، حيث تسعى قسد بكل الوسائل لفرض مشروعها الانفصالي في المنطقة.
ميليشيا “قسد” لم تتوقف عند بناء الجدار، بل اتخذت خطوات متزايدة لتكريس هذا المشروع، ومن أبرز هذه الخطوات فرض مناهج تعليمية خاصة بها، ومنع التعليم الحكومي السوري، وتهجير السكان على أساس عرقي من الأحياء التي تسعى للسيطرة عليها. بالإضافة إلى ذلك، تقوم “قسد” باعتقال الشباب بحجة انتمائهم لتنظيم “داعش”، وتفرض حصاراً خانقاً على الأحياء الخاضعة لسيطرة الدولة السورية، ما يؤدي إلى حرمانها من أبسط مقومات الحياة. هذه الإجراءات تسعى من خلالها إلى دفع السكان المحليين إلى مغادرة منازلهم أو الانضمام إلى مشروعها الانفصالي.
من ناحية أخرى، تمثل ما أسمته “الانتخابات البلدية” التي أعلنتها “قسد” بحجة تسهيل أمور المواطنين محاولة لتكريس شرعية هذا المشروع. ومع ذلك، هذه الخطوات لم تمر دون مقاومة، حيث تشهد المنطقة غضباً شعبياً متزايداً، أدى إلى تأجيلها عدة مرات بذرائع وأسباب واهية لتبرير عدم إجرائها، ورغم الدعم الأمريكي المباشر لمليشيا “قسد”، إلا أن المقاومة الشعبية استطاعت تعطيل بعض أجزاء هذا المخطط حتى الآن.
إن المشروع الانفصالي لـ “قسد” يتماشى مع المخططات التي وضعتها مراكز الأبحاث الأمريكية والصهيونية لتفتيت المنطقة، وخلق كيانات جديدة على أساس عرقي وديني، تمهيداً لتحقيق أهداف إستراتيجية طويلة الأمد. مؤسسة “راند” البحثية الأمريكية على سبيل المثال، طرحت تصوراً لقيام “كانتون انفصالي” يمتد على طول الجزيرة السورية وصولاً إلى قاعدة التنف، وربما يشمل المناطق الجنوبية مستقبلاً.
وفي مواجهة هذه المخططات، يسعى الجيش العربي السوري وحلفاؤه إلى التصدي لمحاولات تقسيم والتفتيت، ورغم النجاحات السابقة في إفشال بعض أجزاء المخطط، مثل إحباط محاولات التواصل بين طرفي الجزيرة عند مدينة البوكمال، إلا أن الاحتلال الأمريكي مستمر في دعمه لـ “قسد”، وتحقيق أهدافه الإستراتيجية من خلال خلق النزاعات وتأجيج التوترات العرقية والدينية.
وعليه المشروع الانفصالي لمليشيا “قسد” في شرق محكوم عليه بالفشل، أما التصدي له يتطلب وحدة الصف بين جميع الأطراف وتكاتف أبناء المنطقة للتصدي للمخططات الخارجية التي تهدف إلى تكريسها المشاريع الأمريكية والغربية في الجزيرة السورية.