دراساتصحيفة البعث

إلى متى ستستمر مجزرة غزة؟

ريا خوري

كشف عدد كبير من المختصين عن الصفات والأبعاد النفسية لشخصية مجرم الحرب الصهيوني بنيامين نتنياهو، ومنها أنه مختل وغبيّ ومعتلّ اجتماعياً، كما أنه يخلو من المشاعر الإنسانية الطبيعية، ولا يملك سوى موهبة الخداع والكذب، إلى جانب نزعة تفوق العرق الأبيض، والغرائز اليهودية الصهيونية الرومانسية الاستعمارية، لذلك نراه يسعى بكل ما يملك من حقد وكره وبغضاء لإنهاء القضية الفلسطينية والمقاومة، بكل السبل المتاحة، والتي يتبعها في قطاع غزة من إبادة جماعية وتطهير عرقي.

لقد دفع مجرم الحرب نتنياهو الأمور ببطء نحو واقع جديد لا تبدو عنده الإجراءات الجذرية مبرّرة فحسب، بل ضرورية للغاية. إن سيطرته شبه الكاملة على النظام السياسي الأمريكي تمنحه الوهم بأنه قادر على دفع هذه الأجندة وتلك الخطط حتى يتمكّن من تدمير وإبادة وتطهير الكثير من الشعب العربي الفلسطيني عرقياً، وستصبح فلسطين والقضية الفلسطينية هدفاً سياسياً مستحيل التحقق كونه يخطط لإبقاء جزء من الشعب العربي الفلسطيني على قيد الحياة ليكونوا بمثابة ركائز ودعائم للكيان.

في سياق آخر تبدو خطط مجرم الحرب نتنياهو واضحة تجاه توسيع نفوذ الكيان الصهيوني وإخضاع الشرق الأوسط برمته للحكم (الإسرائيلي- الأمريكي) المباشر، والذي يمكن أن يشمل أجزاء من لبنان، وسورية والأردن، وربما أجزاء من مصر أيضاً.

من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تعرف خطة مجرم الحرب نتنياهو، وهي تؤيد هذا الكيان الغاصب بالكامل، ولهذا السبب فإنّ الولايات المتحدة تسير بتناغم تام مع تصرفات رئيس وزراء الكيان نتنياهو، فهم يقدمون له كامل الدعم السياسي والعسكري واللوجستي والأمني والمالي، كما يساعدونه على غليان الأمور في المنطقة ببطء، حتى يتمكنوا من تقديم هذه الخطة كمعركة دفاعية ضد محور المقاومة.

كما أن هناك جدلاً داخلياً حول رفض مجرم الحرب بنيامين نتنياهو الأخذ في الاعتبار المعارضة الداخلية لخطته في الغرب لوجود موجة التظاهرات الحالية وما هي إلا قمة جبل الجليد، فالجميع ينتظرون كيف سوف ينحدر الغرب إلى الفوضى المجتمعية. كما أنه لا يقدّر بشكل عقلاني ومنطقي قوة محور المقاومة، ومدى تصميم روسيا الاتحادية والصين والجنوب العالمي على إنهاء الاستعمار الأمريكي العالمي.

الكيان الصهيوني لا يزال  متمسكاً بمحرقته في قطاع غزة، إذ أن قواته المؤللة وطيرانه يشنان المجزرة تلو الأخرى، إحداها بمنطقة المواصي في خان يونس التي صنفها  الكيان الصهيوني بأنها (آمنة)، راح ضحيتها نحو مائة فلسطيني من النازحين عن ديارهم، تبخرت أجساد بعضهم بفعل ثلاث قنابل تزن كل واحدة منها نحو الطن استهدفت خيامهم ومساكنهم المؤقتة.

وعلى الرغم من تأكيد جيش العدوان الصهيوني أنه قضى على المقاومة الفلسطينية فيها، ولم يبقَ في القطاع سوى بقايا مقاتلين، فإنه مستمر في الإمعان بجرائمه الوحشية، دون أي تورع عن استهداف المدنيين، ليصبح ذلك قتلاً ممنهجاً وفقاً لتلك الأسلحة الفتاكة التي تصله من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وبقية الدول الغربية، بمعنى أنّ جيش العدوان يمارس القتل لأجل القتل فقط، وليس لأهداف عسكرية معينة يتطلبها الميدان كما يدّعون.

بنك أهداف جيش العدوان انتهى، وهذه القضية ألمح إليها جيش العدو أكثر من مرّة، كما صرّح بها سياسيون، ومنهم الوزير السابق في حكومة الحرب بيني غانتس، الذي طالب بنقل ثقل المعركة إلى الشمال باتجاه لبنان، وعقد صفقة مع المقاومة الفلسطينية مهما كان الثمن لإعادة الأسرى الصهاينة من قطاع غزة، كما أكّد أن شرط البقاء في محور فيلادلفيا لا يجب أن يكون مانعاً للصفقة المرتقبة، وهذا يدلّ على حجم الانقسام والصراع داخل الكيان، حيث يرى جزء كبير منه أن وقف الحرب المدمرة أمرٌ لا بدّ منه، وأن غاية الكيان بالفعل قد تحققت بتدمير القطاع، وأن الوقت حان لإنقاذ الكيان، ووقف النزف الاقتصادي، وهجرة الأموال والعقول والشركات، لكن نتنياهو له أهداف ومرامي أخرى، حيث يتمسّك بها، محاولاً إنهاء حكم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتهجير جزء من سكانه، وإبقاء الجيش داخله، حيث لا يزال يصرّ على استمرار تلك الحرب المجنونة إلى ما لا نهاية، حتى مع عروض الهدن المختلفة، التي يرفضها الواحدة تلو الأخرى، لأنه يتخوف من سقوط حكومته اليمينية المتطرفة، خاصة وأنها مرتكزة على أعضاء يمينيين متطرفين ومتشددين تحكمهم تلك الأفكار التي يطمحون إلى تطبيقها على أرض الواقع من خلال استيطان غزة، وشق قناة “بن غوريون” بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر لتكون بديلاً عن قناة السويس، كما يسعى إلى الاستيلاء على كامل الضفة الغربية وتهجير ساكنيها إلى الأردن، مدركاً أنه في حال تخلي ائتلافه عنه فسينهار حكمه وسيسقط  مشروعه، وسيخرج من رئاسة الوزراء اليمينية المتطرفة متشحاً بالسواد، وبإخفاق استراتيجي في حال لم يحقق أهدافه ومراميه، بل إنه سيكون أمام استحقاقات كثيرة، منها مقاضاته على ما حدث في السابع من تشرين الأول العام الماضي، وعلى قضايا فساد كثيرة لا تزال المحاكم تلاحقه عليها.