العدوان الإلكتروني .. مواجهة بتحديات خطيرة
تقرير- سنان حسن
شهد اليومان الماضيان تصعيداً خطيراً في المواجهة مع العدو الإسرائيلي على جبهة الإسناد اللبنانية، حيث شنت “إسرائيل” هجمات غير تقليدية استهدفت أجهزة “البيجر” اللاسلكية، مما أدى إلى ارتقاء شهداء وجرحى في صفوف كوادر المقاومة اللبنانية. يشير هذا الهجوم إلى تحول نوعي في أدوات الحرب، إذ يتجاوز الاعتماد على الأسلحة التقليدية ليؤسس لمرحلة جديدة من الحروب: الحروب السيبرانية وحروب الجيل الخامس، حيث يصبح الفضاء الإلكتروني ساحة أساسية للصراع.
لا يمكن وصف العدوان الإسرائيلي واستهدافه للمدنيين اللبنانيين عبر بوابة أجهزة الاتصال إلا بأنه إرهاب غير مسبوق ووحشية عدوانية تستهدف أسس الحياة اليومية، واستغلال هذه الأجهزة التي تُعد وسيلة للتواصل وإنقاذ الأرواح في الظروف الطارئة، لجعلها أداةً للقتل والتدمير، كما و يُعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، والأهم أن هذا الهجوم يفضح الوجه الحقيقي للعدوان الإسرائيلي، الذي يتجاوز الحدود التقليدية للحرب ليصل إلى استهداف الحياة ذاتها عبر التقنية والاتصالات، وهو تصعيد خطير لم يسبق له مثيل في تاريخ النزاعات الإقليمية.
إن استهداف شبكات الاتصال والاعتماد على الهجمات السيبرانية يظهر بوضوح أن العدو الإسرائيلي بدأ في تبني استراتيجيات جديدة أكثر تعقيداً ووحشية، تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في التحكم والاختراق. فبدلاً من الاشتباكات العسكرية المباشرة، باتت الدول تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والهجمات الإلكترونية لتعطيل أنظمة الاتصالات، وخلق حالة من الفوضى في صفوف الخصوم. وبالتالي فهذا الهجوم يؤكد أن القوة في الصراعات الحالية لم تعد تتوقف عند حدود الأسلحة والآليات العسكرية، بل امتدت إلى السيطرة على الفضاء السيبراني، إذ أن السيطرة على هذا المجال تمكن الدول من إضعاف أعدائها بطرق غير تقليدية، وفي بعض الأحيان دون الحاجة إلى مواجهات عسكرية مباشرة، فهل استنفدت “إسرائيل” خياراتها التقليدية في مواجهة المقاومة اللبنانية؟.
في السنوات الأخيرة، ورغم التفوق العسكري للعدو، لم تحقق “إسرائيل” النجاح المتوقع في إضعاف المقاومة، لا في لبنان ولا في فلسطين. وعليه، فإن الهجوم السيبراني الأخير قد يشير إلى أن الكيان أصبح يدرك أن أدواته التقليدية ليست كافية لتحقيق أهدافه في هذا الصراع الطويل، مما دفعه إلى استكشاف أساليب جديدة تعتمد على التكنولوجيا لتعطيل قدرات المقاومة، وإضعافها بشكل غير مباشر.
والحال فإن انتشار هذه الهجمات يثير قلقاً عالمياً حول مصير أنظمة الاتصالات والبيانات الشخصية، خاصةً مع الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في حياتنا اليومية. وبات السؤال الأبرز: هل أصبحت الأجهزة الذكية غير آمنة؟ فمع تحول هذه الأجهزة إلى أهداف محتملة للهجمات السيبرانية، يصبح من الضروري إعادة النظر في تأمين الشبكات وحماية الخصوصية التي تتحول إلى نقطة ضعف في ظل هذه الحروب الجديدة، وتمثل تهديداً ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضاً لأمان الأفراد والشركات والدول.
إن حماية الشبكات والبيانات الشخصية لم تعد مجرد مسألة تقنية، بل أصبحت مسألة أمن قومي، وبالتالي يجب على الدول تعزيز جهودها في تأمين هذه الأنظمة للحفاظ على الاستقرار وحماية المجتمعات من تبعات الحروب السيبرانية.
ختاماً العالم اليوم في مواجهة واقع جديد وخطير، فما حدث من عدوان إسرائيلي على لبنان قد يكون إشارة إلى بداية حقبة جديدة من الصراع، حيث تتراجع أهمية الأسلحة التقليدية أمام أدوات الحرب السيبرانية وحروب الجيل الخامس، وهذا يعني أن الأمن الرقمي قد يصبح محور الاهتمام في أي صراع مستقبلي. وعليه إن تأمين الفضاء السيبراني لم يعد خياراً، بل ضرورة لضمان الاستقرار وحماية سيادة الدول في هذا العصر الرقمي.