صحيفة البعثمحليات

ماذا نريد من الحكومة الجديدة؟

غسان فطوم

حالة ترقّب وانتظار لإعلان تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور المهندس محمد غازي الجلالي وسط تساؤلات وتكهنات بشأن أسماء الوزراء الجدد!

والجميع كلّنا أمل بأن تتبدّل الأحوال، فالتغيير دائماً يعد بتحسين الأداء والنتائج من أجل الشفاء من المعاناة المزمنة. والسؤال الرائج حالياً: ماذا نريد من الحكومة الجديدة؟

لا شكّ أن الواقع الراهن على مختلف الأصعدة بحاجة للتغيير الإيجابي، ومحو الصورة النمطية المملّة في معالجة القضايا التي أدّت إلى الكثير من التراكمات، والحكومة المنتظرة تدرك ذلك جيداً، وتعلم أنها إن أرادت أن تكسب ثقة المواطن، وتدخل من الباب الواسع، مطلوب منها أن تغيّر ذهنية وطريقة التعامل مع الملفات الساخنة، وعلى وجه التحديد المعيشية والخدمية العالقة، والتي تحتاج إلى حلول فورية، فهل تنجح في نسف قوالب الحلول النمطية الجامدة وتجدّد الأدوات حتى يشعر المواطن بالمحصلة أن هناك شيئاً تغيّر بالأداء والتعاطي الجدّي مع مختلف القضايا؟!

من الواضح أن الحكومة الجديدة سترث ملفات أقلّ ما توصف به أنها “ثقيلة”، خاصة وأن بعضها تدخّلت أو عملت فيها كل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 ولغاية اليوم دون الوصول إلى نتائج مرضية، وهذا أكبر دليل على عدم الاعتماد على الدراسات والبحوث والتجارب الناجحة في المعالجة، وإنما أغلب المعالجات كانت تتمّ بالتجريب والاجتهاد، ووحده المواطن كان يدفع الثمن، حتى لم يعد في جيوبه القدرة على مجابهة وحش الأسعار في ظلّ ضعف الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية التي أجبرت الناس على التقنين والتقشف حتى في الدواء!

وبالحديث عن الأمنيات، وأولويات عمل الحكومة المنتظرة، من المفروض والبديهي أن تركز على الملفات الاقتصادية التائهة بلا هوية، والاجتماعية الملحّة، وشحذ مسار الإصلاح الإداري بعد سنوات على إطلاق مشروعه، وفيما يخصّ التضخم وصلت أرقامه إلى نسب غير مسبوقة باتت تهدّد أمننا الاقتصادي والمعيشي، في ظلّ استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية لليرة، والسؤال هنا: كيف الخروج من هذا المأزق؟

لا شكّ أننا ننتظر خطوات إيجابية عاجلة من الحكومة بهدف حلحلة الكثير من الأمور، وإعطاء انطباع مريح للشارع بأن عهداً جديداً قد بدأ فيما يتعلق بالتخطيط السليم والتنفيذ السريع لأجندات التنمية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والارتقاء بها إلى درجة الرضا، وكذلك حلّ مشكلة الكهرباء، كما أن الحكومة وعبر فريقها الاقتصادي مدعوة للاهتمام أكثر بملفي الصناعة والزراعة ودعمهما دعماً حقيقياً لأنهما قاطرة التنمية، وأيضاً تسريع إنجاز المشاريع الاستثمارية، وخاصة تلك العالقة لأسباب مالية، أو بسبب تشابكات إدارية نتيجة تعدّد المرجعيات المشرفة عليها، وعلى المستوى الاجتماعي، فإن الحكومة مطالبة باستكمال ملفّ الدعم وإخراجه بأفضل صيغة بعد أن تمّ إنجاز قسم كبير منه، وذلك من خلال التزامات حقيقية بمسؤولياتها الاجتماعية، فسلّة الوعود هذه المرّة يجب أن تكون مثمرة وتقنع المواطن.

بالمختصر، المواطنون يريدون من حكومة المهندس الجلالي أن تبحث عن حلول جدية للمشكلات، وليس عن مبررات للتعثّر هنا أو التقصير هناك، فبلدنا فيها الكثير من الخيرات والكفاءات، بشرط أن نحسن استثمارها وتوظيفها.

المواطنون لا يريدون استمرار قوانين الجباية والاستنزاف، وإنما يريدون قوانين الحماية والضمانة الاجتماعية، وقوانين رادعة تدفع عجلة العمل إلى الأمام، ويريدون الشفافية والمحاسبة الآنية، باتخاذ إجراءات حقيقية وقوية بحق كلّ الفاسدين ممن يستغلون مناصبهم في نهب المال العام، وتبقى الأمنية التي نجمع عليها جميعاً بأن تكون الحكومة من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميّزة في سلوكها ومجال عملها، في مختلف التخصّصات والمجالات.