اللغة الآرامية وعلاقتها بالعامية والفصحى
البعث ـ نزار جمول
في أمسيته الأخيرة، استضاف “ملتقى طريق الحرير” الباحث أمين قداحة الذي تحدّث حول اللغة الآرامية وعلاقتها بالعامية والفصحى، محاولاً أن يلج إلى لب موضوعه بأسلوب رشيق وبسيط وإدخال عنصر التشويق بنظرة تحليلية، دعمها بالبراهين وإظهار التفاؤل والإيجابية بالتاريخ العربي، مؤكداً أن المشهد التاريخي العربي ليس سوداوياً كما يتخيله البعض لأنهم لم يقرأوه قراءة متأنية، بل إن العرب عموماً والسوريين خصوصاً كان لهم حضورهم التاريخي في كل المواقع والاختصاصات، كما يجب ألا يُعطى الرومان واليونانيون أهمية كبيرة من دون النظر إلى من سبقهم بالإنجازات الحضارية، وهم الذين اعترفوا بقدرة المهندس والفني السوري على الإبداع بمجاله.
كما تحدث قداحة عن الأصول الشرقية عبر مصادر أكاديمية باكتشاف الزراعة في الألف العاشر قبل الميلاد وتطور أدواتها وصناعاتها وهوية البناة الحقيقيون لذلك الازدهار المكتوب عنوة لمصلحة المحتل الروماني من خلال وجود المدن الشهيرة والكبيرة كـ تل مريبط وأريحا في فلسطين مع اهتمامهم بالمسرح والموسيقا والرقص، وما وجود مسرح ماري وأوغاريت وأوروك في العراق إلا دليلاً كافياً على هذا التألق العربي، مبيناً أن تغيير السلوقيين وغيرهم للأسماء وإرجاعها إليهم ووفق مصلحتهم لم ينفي أن من قام ببعض الأعمال في عهدهم كان بأيادي سورية حتى في روما، وبمقدمتهم المهندس الدمشقي أبولودور الذي بتى أهم الأبنية آنذاك.
وأوضح قداحة أن الجوانب الأساسية في التاريخ العربي، اللغات القديمة وعلاقتها بالعامية الحالية والفصحى كالآرامية وهم الذين سكنوا المناطق المرتفعة على أطراف البادية السورية، مبيناً أن عدم الاعتراف بضم اللغات السورية واللهجات القديمة إلى ما يسمى مصطلح “اللغات السامية” ضرورة ملحة، وهذه اللغات وجدت بالأصل لنوايا وغايات سياسية يهودية، مؤكداً مقولة الدكتور الراحل محمد محفل “أن لغتنا هي الأفضل أن تكون لغة العين وليست لغة الضاد لأن حرف العين تتفرد به لغتنا العربية وليس الضاد”، وبين أن قواعد اللغة الآرامية مع أمثلة يتم نطقها حالياً وهي ذاتها آرامية التي لها علاقة بمشتقاتها بالأكادية والسريالية والآشورية وغيرها، ورفض بالدليل القاطع أي اسم أجنبي للمناطق العربية كما يدعي البعض، فمثلاً “إيميسيا تعني حمص”، وهذا الأمر تعدي كبير وتشويهات تاريخية، فحمص هي حمص باللغة القديمة وما تزال بنفس الاسم، وتطرق قداحة إلى التبديلات الصوتية باللغة الآرامية وسبب اندماج بعض الأحرف ببعضها، معرجاً على النقوش الموجودة بحماة كدليل لغوي عربي قديم، مختتماً بحثه بالتأكيد على أن العرب هم الأقدر على كتابة تاريخهم.