دراساتصحيفة البعث

يد بايدن ملطخة بدماء اللبنانيين

سمر سامي السمارة

صعّد الاحتلال الإسرائيلي هجماته الشرسة على لبنان في 23 من الشهر الحالي، مسجلاً ذلك اليوم الأكثر دموية للقصف الإسرائيلي منذ عام 2006، حيث خلفت الضربات الإسرائيلية في جنوب وشرق لبنان، والعاصمة بيروت، حصيلة شهداء تجاوزت الـ 550 مدنياً على الأقل، بما في ذلك النساء والأطفال والمسعفون.

وبحسب وزير الصحة اللبناني فراس أبيض استهدفت قوات الاحتلال “المراكز الطبية وسيارات الإسعاف والسيارات التي كانت تنقل الأشخاص الذين يحاولون الفرار من الهجمات الإسرائيلية”، كما استهدفت منازل المدنيي، مؤكداً أن غالبية الضحايا في الهجمات الإسرائيلية منذ صباح الاثنين الماضي هم من المدنيين العزل في منازلهم.

ويأتي هذا الاستهداف في أعقاب تفجير “إسرائيل” لأجهزة إلكترونية محمولة في مناطق مدنية في لبنان يومي 17 و18، ما أسفر عن استشهاد 37 شخصاً على الأقل، بما في ذلك فتاة تبلغ من العمر 9 سنوات، وطفل يبلغ من العمر 11 عاماً، فضلاً عن إصابة أكثر من3250 شخصاً، حالة الكثير منهم حرجة، كما أصيب قرابة الـ 500 شخص بجروح خطيرة في العين، وتلقى آخرون إصابات خطيرة في أيديهم ووجوههم وأجسادهم.

وبحسب طبيب العيون في مستشفى جبل لبنان الجامعي في بيروت الدكتور إلياس ورّاق، فإن تلك الساعات كانت بمثابة كابوس، مضيفاً أن أكثر من 60% و70% من المصابين الذين عالجهم انتهى بهم الأمر باستئصال عين واحدة على الأقل، وأنه في السنوات الخمس والعشرين الماضية من ممارسة المهنة، لم يقم باستئصال عدد كبير من العيون كما فعل.

ووفقاً لـ 22 خبيراً مستقلًا من الأمم المتحدة، بما في ذلك 13 مقرراً خاصاً، فإن تفجير “إسرائيل” لـ 3000 إلى 4000 جهاز نداء وجهاز اتصال لاسلكي مبرمج للانفجار في وقت واحد يشكل انتهاكات “مرعبة” للقانون الدولي، وتشير الأدلة إلى أن أولئك الذين خططوا لهذه الهجمات ونفّذوها لم يتمكنوا من التحقق من هوية الأشخاص الآخرين المتواجدين في محيط تفجير الأجهزة والذين سيتضررون وقت حدوث الانفجار، حيث نُفّذت هذه الهجمات بشكل عشوائي، ما يجعلها غير قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، وينبغي التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب. كما انتهكت الهجمات أقلّه الحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الساري في حالات النزاع المسلح، والأرجح حقوقاً أخرى من حقوق الإنسان، بحسب الآثار المختلفة للهجوم على اللبنانيين وحياتهم اليومية.

وأضاف خبراء الأمم المتحدة إن هذه الهجمات “تنتهك الحق الإنساني في الحياة، في غياب أي مؤشر على أن الضحايا شكلوا تهديداً وشيكاً لأي شخص آخر في ذلك الوقت، وقد تشكل مثل هذه الهجمات جرائم حرب تتمثل في القتل ومهاجمة المدنيين وشن هجمات عشوائية.”

من جهتها قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية آية مجذوب: “تحمل التفجيرات الجماعية التي وقعت في مختلف أنحاء لبنان في الأيام الأخيرة دمغة كابوس مرير وشرير، مضيفةً أن استخدام أجهزة متفجرة مخبأة داخل أجهزة اتصالات تُستعمل يومياً لشن هجمات مميتة على هذا النطاق أمر غير مسبوق”.

يحظر القانون الدولي الإنساني استخدام الأفخاخ المتفجرة أو غيرها من الأجهزة التي تستخدم جهازاً على شكل أشياء محمولة تبدو غير ضارة ومصممة ومصنوعة خصيصاً لاحتواء مواد متفجرة، وفقاً للبروتوكول الثاني المعدل لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن أسلحة تقليدية معينة.

ويحظر القانون الدولي العرفي أعمال العنف التي تهدف في المقام الأول إلى نشر الرعب بين السكان المدنيين، كما يحظر القانون الدولي الإنساني الاستهداف العشوائي للمدنيين، أي الهجمات التي لا تميّز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، و استخدام نوع الأفخاخ المتفجرة التي استُخدمت في هذه الهجمات.

من جهته قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: إن “الأزمة المتصاعدة في لبنان مخيفة… الخسائر في صفوف المدنيين غير مقبولة. لابد من إيجاد حلول، هناك حاجة ماسة إلى إنهاء الأعمال العدائية”. وأضاف غراندي أن الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان تودي بحياة مئات المدنيين بلا هوادة، بما في ذلك اثنان على الأقل من زملائه.

وفي حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، ادعى الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الحرب الشاملة ليست في مصلحة أحد، متناسياً أن الولايات المتحدة هي الحليف الأكثر أهمية “لإسرائيل”، حيث واجه بايدن انتقادات عالمية واتهامات بالتواطؤ في الإبادة الجماعية في قطاع غزة لاستمراره في إرسال الأسلحة إلى القوات الإسرائيلية على مدار العام الماضي.