“حدا يسمع”…!!
قسيم دحدل
لا نعرف حقيقة من المسؤول عما يحدث، أو بيدِ مَن يكون حلّ مشكلة الوقود والمجروقات، رغم محاولاتنا للوصول إلى صاحب القرار المخول بإيجاد الحلول، وإن وصلنا إلى من يفترض أن يكونوا أصحاب القرار، لا نصل إلى إجابة شافية يمكننا البناء عليها، وبالتالي تحميل المسؤولية لهذا المسؤول أو تلك الجهة، لسبب بسيط مردّه توزع موضوع النقل على عدة جهات وجبهات، لا يبدو أن هناك تنسيقاً فيما بينها لتوفير متطلبات وسائط النقل من المحروقات، ولا في ضبط خطوطها وتواترية حركتها، ولا الالتزام بالأسعار التي تحدّدها الجهات المعنية على مستوى المحافظات!
ومن يتابع على أرض الواقع، يسمع ويرى ما يرتكبه أصحاب المركبات من تجاوزات للأنظمة والقوانين، وما يعانيه الناس يومياً نتيجة التخبّط وعدم القدرة على حلحلة هذه المعضلة.. تجاوزات ومعاناة لن نحمّل مسؤولية وجودها، واستدامة تبعاتها المؤلمة، لأصحاب وسائط النقل والمواطن، لأن ما يحدث هو نتيجة للتناقضات الواضحة القائمة والملموسة في إدارة هذا القطاع الحيوي، فما يحدث من شحّ في الوقود، وبالتالي من تخفيض لمخصّصات المركبات يومياً، هو سبب مباشر، وما يحدث من زيادات غير منطقية في أسعار خدمة النقل، وبشكل كيفي وغير مشروع، هو نتيجة مباشرة لعدم توفر المحروقات بالكميات المطلوبة لتشغيل الخطوط وتأمين الناس للوصول إلى أعمالهم وإنجاز احتياجاتهم.. وبناء عليه، فإن الكيفية التي يتمّ فيها انتفاء هذا السبب، أو تلك النتيجة، معروفة ولا تحتاج إلى شطارة، لكن السؤال الملح هو: لماذا لا يتمّ ذلك؟! فإذا كان هناك من يربط عدم توفر المحروقات، وخاصة مادة المازوت، بانقطاع أو تأخر التوريدات، فكيف إذاً يبرّر توفر المادة في السوق السوداء، و”على عينك يا تاجر”، كما يقال..؟!
والمفارقة المستفزة أن يتمّ تخفيض أسعار المحروقات في الوقت الذي لا تتوفر في مطارحها النظامية، بل في أماكن أخرى، وبأسعار عالية لا نعلم من يحدّدها، ومن المستفيد من ذلك، لكننا نعلم فقط أن هناك سوقاً سوداء، وفي هذه السوق غير المعلومة خفاياه، وغير المراقبة منافذ حدوده، يحدث كلّ شيء، ويتوفر كل شيء!
إن تضخم تكاليف النقل، على هذا الشكل، قاد وسيقود إلى اختلالات اقتصادية ومعيشية خطيرة، خاصة وأنه يشكل لا أقل من ثلث تكلفة سعر المُنتج والخدمة، وثلث الدخل الشهري للمواطن المحدود الدخل، الأمر الذي لا يستوي فيه الحال الاقتصادي والمالي، ما دام العجز عن ضبط هذا السوق، وإدارته بكل شفافية وفعالية سيد الموقف!!
Qassim1965@gmail.com