بمشاركة سورية.. انعقاد الاجتماع الأول للرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية
شانغهاي – ريم ربيع
عقد اليوم في مدينة شانغهاي الصينية الاجتماع الأول للرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية، بمشاركة عدد من المؤسسات الفكرية العربية ومراكز الأبحاث والدراسات الصينية.
نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي أوضح أن الصراعات الجيوسياسية والاضطرابات الإقليمية وعقلية الحرب الباردة وسياسة القوة، تهدد سلام العالم اليوم، فضلاً عن تباطؤ التعافي الاقتصادي، وبروز مشكلة التنمية غير المتوازنة، وسلسلة التحديات الجديدة التي تواجه المجتمع الدولي، والتي تتطلب الرصد الدقيق والتفكير العميق والتواصل السريع والتضامن والتنسيق، وهنا دور الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية، لتكون خطوة مهمة في مواجهة التحديات، وخلق المستقبل بشكل مشترك.
وقدم لي الأهداف الأساسية للاجتماع، والمتمثلة في تحقيق وإحداث التنمية، وتعزيز الصداقة والتعاون، وتحقيق السلام، فأكثر ما يحتاج له الشرق الأوسط هو السلام، آملاً اطلاق دراسات ومبادرات للسلام، وداعياً إلى العدالة التي يتسبب غيابها بفوضى في المنطقة، فهناك من يرى نفسه فوق الجميع، ومن واجب الصين والدول العربية تحقيق العدالة ورفض الهيمنة والغطرسة، إضافة إلى توسيع التواصل والمساهمة بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية عبر التعاون الفعال، فترقية التعاون بين الجانبين العربي والصيني، لا يتطلب الإرشاد الحكومي واستثمار الشركات فقط، بل يحتاج أيضا مشاركة المؤسسات الفكرية ودعمها.
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أحمد خطابي أكد في كلمة له أن الجامعة العربية تدين بشدة التصعيد الإسرائيلي على لبنان، والذي يهدد بشكل خطير تفجير الوضع الاقليمي، مشدداً على التضامن الكامل مع لبنان، وأن المجتمع الدولي مطالب بتدخل فوري لوقف العدوان، ومثمناً مناقشة الدفع لوقف إطلاق النار وتحقيق حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، كما أشاد بالمواقف الصينية الداعمة والثابتة للشعب الفلسطيني.
وبيّن خطابي أن هذه الرابطة استحدثت كآلية لتعزيز التواصل بين المؤسسات الفكرية والثقافية تنفيذاً لمذكرة التفاهم بين الدول العربية والصينية، فهناك إرادة قوية لتطوير التعاون الثقافي كقوة دافعة معززة للشراكة الاستراتيجية بين جامعة الدول العربية والصين في إطار منتدى التعاون بكافة الأبعاد، واستثمار هذه الرابطة للتواصل بين النخب المثقفة وتبادل الرؤى حول قضايانا، ومواجهة التحديات التنموية التي تحتاج ثقافة الابتكار والانفتاح، كما يمكن للرابطة الاضطلاع بدور محوري بدعم صناع القرار لسياسات فاعلة ومؤثرة تسهم بالنهوض في التنمية المستدامة.
وأشار خطابي إلى أن جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية توقع اتفاق مع الصين بهذا الإطار، فبعد مبادرة الحزام والطريق ارتفعت قيمة التجارة بين الدول العربية والصين، ووصلت الاستثمارات ل٤٠٠ مليار دولار في ٢٠٢٣ بعد أن كانت ٣٦ مليار فقط في ٢٠٠٤، مؤكداً الحاجة لأهمية مواصلة الجهود للارتقاء بالبعد الثقافي للدفع بالجهود التنموية والإسهام بتوطيد الأمن.
رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية محمد الحوراني أشار إلى أن التحديات الخطرة التي تواجهها البلاد تتطلب نهضة ثقافية لإعادة بناء الهوية الوطنية، فيما حرصت الصين على التعاون مع الجانب العربي لإقامة حاجز لصد العناصر السلبية للثقافة الغربية التي تحاول النيل من الثقافات الإنسانية، خاصة العربية والصينية القائمة على المبادئ والقواعد الإنسانية السامية بكل ما تحمله من تاريخ وهوية وخصوصية.
وأوضح حوراني أن تعميق الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية يصب في مصلحة الشعبين، ولا شك أن تعزيز التواصل الثقافي والتعاون والتفاهم بين الشعوب لا يتحقق بيوم واحد بل من خلال العمل الجاد من كل الأطراف المعنية، فنتطلع إلى سنوات من التعاون الإقليمي والثقافي بين الصين والبلدان العربية، معتبراً أن الحضور التقني الصيني لم يصاحبه حضور ثقافي، فلا بد من تعزيز تأثير الحضارة الصينية في الحضارة الإنسانية في الوقت الراهن كما كانت تاريخياً.
حوراني أكد أننا اليوم أقرب لحقبة لا تتولى فيها دولة بمفردها رسم مسارات خيارات الشعوب، والتحكم بمستقبلها وضبط إيقاع الأحداث بالعالم، وقد شكلت الصين محوراً رئيسياً في ترسيخ هذا الواقع الجديد بعد أن حققت تطوراً ونجاحاً في مختلف المجالات، وكذلك بحكم الثقة بالصين التي تستند إلى تراكمات تاريخية مشرفة، موضحاً أن أسس التعاون تتمثل بضمه للقوى المجتمعية من المستويات جميعها، وأن يكون منفتحاً في المستقبل على مجتمعات أخرى، ووضع إطار واضح للتعاون وبرامج محددة برامجها قابلة للقياس، والتركيز على التنمية المجتمعية الشاملة على مستوى الأدب والفكر والثقافة، والتنمية القيمية، والتركيز على احترام استقلال الشعوب وسيادتها، والتعاون بين الشعوب استناداً إلى المصلحة المشتركة، ووضع برامج محددة لمواجهة أشكال الاستعمار الجديد ومواجهة الليبرالية الحديثة ومواجهة العنصرية، ورفض ممارسات العدو الصهيوني في فلسطين ولبنان، داعياً لإصدار بيان عاجل يؤكد أن القوى الحية لم تعد تحتمل ممارسات الاستعمار الجديد والعنصرية، وانتهاك استقلال الشعوب وحريتها.