شغب الملاعب والصالات يظهر مرة أخرى.. والمسؤولية تقع على عاتق الأندية أولاً
ناصر النجار
نعود مرة أخرى إلى حوادث شغب ملاعب كرة القدم وصالات السلة التي أطلت من جديد على رياضتنا في أكثر من مناسبة قبل انطلاق الموسم الرياضي الجديد وفي أكثر لعبتين جماهيرية.
ولعل حادثة بطولة السوبر الأخيرة بكرة السلة أضاءت على صراع فيسبوكي بين بعض الموتورين من جماهير الأندية حذرنا منه كثيراً وبدأ يأخذ مواقعه على أرض الملاعب والصالات بشكل غير مقبول، ويرخي بظلال ثقيلة على ملاعبنا وصالاتنا.
ولعل الموضوع تفاقم في بطولة السوبر عندما تضخمت الأحداث بشكل غير منطقي وأدى ذلك لانسحاب فريق الأهلي، وربما البعض أراد أن يتهم الأهلي بأنه بحث عن سبب الانسحاب لأنه لا يقوى على المواجهة فهذا سبب غير مبرر، لأن الأهلي كان بإمكانه ألا يشارك أصلاً في هذه البطولة التي تعتبر تحضيرية للموسم الجديد، وربما نتائجها ليست مهمة بقدر الفائدة المكتسبة من المشاركة، ومع ذلك هناك تهويل من جانب النادي الأهلي للأحداث، وهناك أمور خرجت عن الأصول، أصول الضيافة وآداب الملاعب والصالات، لنعود ونؤكد أنه من المعيب أن تتحول ملاعبنا وصالاتنا إلى مكان لتصفية الحسابات الفيسبوكية!
ولسنا بصدد استعراض ما جرى وما آلت إليه الأحداث وما انتهت إليه من قرارات انضباطية، ولسنا هنا لنقف مع طرف ضد آخر، لكن ما حدث كان معيباً من بعض المسيئين الذين أساؤوا لنادي الوحدة قبل أن يسيئوا للرياضة بشكل عام، ونعتقد أن ما حدث في دورة السوبر يعطي إشارة سلبية عن موسم جديد سيكون مملوءاً بالاضطرابات السلوكية على مدرجات الصالات وأرضها، وكذلك في ملاعب كرة القدم حيث ظهرت بعض الإشارات السلبية في بطولة الوفاء والولاء، وإذا كانت أحداث بطولة السوبر لقيت الاهتمام الجدي من القيادة الرياضية وخضعت للقرارات الانضباطية، فإن ما حدث بكرة القدم قيد ضد مجهول وأغلقت عليه الدروج باعتبار الدورة ودية وتحضيرية للموسم الجديد، وبناء عليه على أنديتنا واتحاد كرة القدم أن ينتبه لما قد يحدث في ملاعبنا وخصوصاً إذا علمنا أن جمهور كرة السلة هو نفسه جمهور كرة القدم.
المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق إدارات الأندية التي لا تتعامل مع الشغب بكامل الجدية ولا تتخذ من طريق الوقاية خير من العلاج شعاراً لها، وكما تابعنا في المواسم الماضية فإن الأندية تعتبر نفسها مظلومة حين صدور أي عقوبة انضباطية أو مالية بسبب الشغب، بل إنها عن تدافع عن المعاقبين وتشعر الجميع أنهم ظلموا!
ومن الأمثلة المحفورة في الذاكرة أنه عندما تم معاقبة رئيس رابطة مشجعي ناديي الجيش وأهلي حلب اعتبرا مظلومين، بل إن البعض ذهب ليقول إنهما دفعا ضريبة حبهما الجارف لنادييهما هذه العقوبة، وكان من المفترض أن تقوم إدارة الناديين بمعاقبتهما أيضاً لأنهما أساءا للناديين بالدرجة الأولى وأساءا لقدسية الرياضة وآداب الملاعب، ودوماً نجد أن رابطة المشجعين في أغلب الأندية تقود جماهيرها نحو المجهول ضمن مبدأ غريزة القطيع، ولأن الأندية هي من تعين روابط مشجعيها وتزكيها وتدعمها فإن هذه الإدارات مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تصرفات أعضاء الرابطة.
ونجد المشكلة هنا في وجهين اثنين، أولهما: بما أن إدارات الأندية هي من تختار كوادرها ولاعبيها وتعيّن روابط مشجعيها فهي معنية بهم ومسؤولة عن اختياراتها كلها، فبدل أن تدافع عن هؤلاء عند ارتكابهم الأخطاء، فالمفترض أن تستنكر هذه الإدارات هذه الأخطاء أولاً، وأن تبادر كما قلنا لمعاقبة المسيء مهما بلغت درجة موقعه في النادي، وكذلك الأمر بالنسبة لرابطة المشجعين، مع العلم وقد تبين للجميع أن فتيل الشغب يبدأ دائماً من أرض الملعب، ومن الممكن أن يحركه لاعب أو أي أحد من الكوادر لينتقل الشغب إلى الجمهور بشكل كامل.
المشكلة هنا أن إدارات الأندية تأخذ دعمها من جمهورها، لذلك تحرص دائماً على إرضاء الجمهور حتى تتقي شر البعض منهم لتحافظ على وجودها وشعبيتها بين جمهورها، وهذا ما وجدناه عملياً في الكثير من الأندية ودائماً فإن التستر عن المخالفات ومحاباة المخالفين هو الخطأ بعينه، وشاهدنا في الموسمين الماضيين كيف أن نادي الفتوة كان يحرك جماهيره ضد اتحاد كرة القدم ولجنة الانضباط والأخلاق في عملية ضغط بعضها لم يكن أخلاقي من أجل أن يتجنب الفريق العقوبات وليشعر الجميع أن ناديه مظلوم ومستهدف!
وهذا ما شجع جمهور الفريق على التمادي كثيراً فقام بالتعدي على المنشآت الرياضية أكثر من مرة لأنه لم يجد من يردعه من داخل النادي، ولو أن إدارة نادي الفتوة كانت تتصدى للمخالفات بحزم وتتصدى لجماعة الفيسبوك لما وصلت الأمور إلى هذا الشكل من الخروج عن القانون وبالتالي لم يكن النادي ليتعرض إلى المزيد من العقوبات، وإذا كان نادي الفتوة مثالنا الحي، فإن هذه العلة تنطبق على الكثير من الأندية الأخرى.
ومن أبواب الوقاية تجنباً للمزيد من الشغب نشر الثقافة الكروية عند أبناء النادي بالدرجة الأولى وعند المشجعين، وهذه مهمة إدارات الأندية من خلال الندوات التي يمكن أن تعقدها ويشارك فيها لاعبو النادي وكوادره ورابطة المشجعين، ومن خلال نشرات التوعية على صفحة النادي الرسمية، لذلك فإن امتلاك اللاعبين والكوادر وروابط المشجعين للثقافة الكروية المطلوبة وللقوانين الانضباطية سيخفف من مظاهر الشغب في الملاعب لأن هذه العناصر سيكون دورها إيجابياً في المباريات وهو المطلوب من أجل تخفيف ظاهرة الشغب إلى الحد الأدنى.
الوجه الثاني للمشكلة هي صفحات الفيسبوك، ونحن نعلم أن الكثير منها لها صلات مباشرة مع القائمين على الأندية، لذلك من الممكن أن تمون هذه الإدارات على هذه الصفحات لتخفف من حدة الاحتقان بين الجماهير، وفي أضعف الإيمان عليها أن تتبرأ من الصفحات التي تضعف اللحمة الأخوية بين الأندية وإذا كانت هذه الصفحات داخلية فعليها أن تلجأ للقانون من أجل أن تسكت جهة تحاول إشعال الفتنة بين الأندية وجماهيرها.
بعض الأندية قامت بحماية شعار النادي، وأعلنت عن صفحتها الرسمية الناطقة باسم النادي، وحذرت كل من يستعمل شعار النادي على مواقع التواصل الاجتماعي أو ينشر أي شيء يخص النادي دون إذن مسبق تحت طائلة المسؤولية، وبهذه الطريقة حمت الأندية نفسها من المسؤولية، وهذا لا يكفي لأن الأهم أن تلاحق المسيئين من جمهورها حسب القانون وعندما تبدأ هذه الملاحقات وتأخذ شكلها الجدي والقانوني سنتخلص من الكثير من الغوغاء الذين يعيثون في رياضتنا فساداً.
بالمحصلة العامة هذه هي مسؤولية إدارات الأندية وعليها أن تسعى لتفادي أي شغب من خلال اتباع ما ذكرناه من عوامل تساعد على الشغب وتنميه وهي قادرة على ذلك.
أخيراً هناك مسؤوليات أخرى منوط بها اتحادات الألعاب الرياضية بالتعاون مع اللجان التنفيذية والقيادة الرياضية وقوات حفظ النظام، وهذا الأمر يجب أن يكون عليه تفاهمات قانونية وإجراءات أكثر ردعية مع المشاغبين والمسيئين لرياضتنا .