على المحك..!
بشير فرزان
مهام ومسؤوليات كبيرة تنتظر الحكومة التي يترقّب الشارع السوري أداءها في هذه المرحلة الدقيقة ذات الخصوصية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولا شكّ أن العمل في هذه الأجواء يحتاج إلى فريق عمل قادر على صناعة قرار حقيقي يخدم المصلحة العامة، ويكرّس هيبة المؤسّسات الحكومية وحضورها الفعلي في الحياة العامة التي من المفترض أن تكون بدورها في حالة تعبئة واستنفار دائم وجاهزية عالية للتفاعل مع أي مستجد بطريقة إيجابية، ولكن هذه الجاهزية مشروطة بتوفر عامل أساسي وهو نجاعة الأداء وغياب المتناقضات التي قد تقطع “حبل الود” كما يقولون، وبالتالي يخسر القرار الحكومي قاعدته الشعبية، ويحيل نتائجه إلى غياهب الرفض وإلى ساحات الانتقادات اللاذعة للأداء الحكومي.
وطبعاً كلامنا هذا لا يندرج في خانة محاولة النيل من إمكانيات الوزارات والقائمين عليها، أو التنبؤ باستمرار تطبيق السياسات الاقتصادية والمعيشية التي كانت شكّلت نهج عمل للحكومات السابقة، بل نؤكد ضرورة إحداث فرق واضح في هذه السياسات والتوجهات المستقبلية، فمصداقية الحكومة الجديدة ستكون في الأيام القليلة القادمة على المحك، وخاصة لجهة تحقيق قفزة نوعية توازي القفزات المتسارعة الحاصلة على مستوى الإنفاق الأسري الشهري والتي تخطّت كلّ النظريات الاقتصادية لجهة المواءمة المنطقية بين النفقات الشهرية على المستلزمات الأساسية للحياة الأسرية، وبين ما تحصل عليه من رواتب.
ولا شكّ أن هذه المعضلة ينبغي أن تكون في مقدّمة الأولويات في البرنامج الحكومي، خاصة وأن الأمور ليست في أحسن أحوالها، ولا سيما بعد إطلاق الكثير من الوعود التي تعد بالانفراجات وأخفقت في الولوج إلى الحياة العامة لضعف الأداء أولاً، ومن ثم للحالة العامة السائدة في المنطقة ككل وتحديداً ظروف الحرب والحصار.
ومن الضروري هنا الاهتمام في هذه الفترة بمكافحة الفساد، والتركيز على انقلاب المفاهيم والأفكار التي وجدت في الإجراءات الحكومية القاصرة بيئة حاضنة لها، فبات الشريف وصاحب الضمير هو الحالة الاستثنائية وبات الفاسد بمثابة القدوة الاجتماعية. وطبعاً لن ننأى بأنفسنا عن تقديم الأمثلة والشواهد التي تتراقص ثرواتها في ساحة العمل الوظيفي بكلّ مجالاته، أو تلك المتنكرة بزيّ الأزمة ولكن كثرتها ووضوح شخصياتها يقلّل من أهمية تحديدها، والأجدى الآن المطالبة بتقديم المزيد من الإسعافات الأولية بأسرع وقت ممكن لمن يعملون بصمت وبدوافع مشحونة بطاقات إيجابية عنوانها (البلد أولاً)، كما يجب الانتباه إلى أن العامل الزمني مهمّ جداً، إذ يجب الانطلاق مباشرة في تنفيذ القرارات التي باتت واضحة ومعروفة ولا تقبل التأجيل.. فهل سيتضمن البرنامج الحكومي بنداً واضحاً في مجال المكافحة وعمليات التنظيف الملحّة في الجسم الوظيفي بكل مجالاته ومستوياته، أم سنسمع تصفيقاً حاراً للممارسات الخاطئة، وتتويجاً لأولئك المتلاعبين بالمال العام تحت ضغط النفوذ الذي استمرأ مخالفة القانون وتغذية المجتمع بمفاهيم الإفساد بكلّ أصنافها؟