دراساتصحيفة البعث

“مشروع قانون النفوذ الخبيث”.. مجرد مغالطة وتضليل

عائدة أسعد

أقرّ مجلس النواب الأمريكي “قانون تفويض صندوق مكافحة النفوذ الخبيث لجمهورية الصين الشعبية لعام 2023” في 10 أيلول الجاري، والذي يفوض 325 مليون دولار سنوياً للسنوات المالية 2023 حتى 2027 لمكافحة ما يزعم أنه “النفوذ العالمي الخبيث” للحزب الشيوعي الصيني.

وقال النائب آندي بار، الذي اقترح القانون، في خطاب: “إن النفوذ العالمي المتزايد للحزب الشيوعي الصيني يشكّل تهديداً مباشراً لسيادة الدول والنظام الدولي الحر والمفتوح الذي نلتزم بالدفاع عنه، وهذا التشريع يزوّدنا بالأدوات اللازمة لمواجهة التكتيكات القسرية للصين، وضمان قدرة أمريكا وحلفائنا على الوقوف بقوة لحماية مصالح أمننا القومي”.

إن القانون هو مجرد واحد من عشرات مشاريع القوانين المتعلقة بالصين التي أقرّها مجلس النواب بشكل جماعي خلال أسبوع الصين، لكنه هو الذي أثار ردّ فعل عنيفاً وفورياً من بكين.

إن تمكن المشرّعين الأميركيين من تمرير هذا القانون، الذي ينتهك القواعد الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية، يثير المخاوف من أن الزخم الإيجابي في جهود الجانبين لإصلاح العلاقات الثنائية قد يصبح مجرد ومضة عابرة.

آندي بار هو ممثل الحزب الجمهوري لولاية كنتاكي، التي تضمّ أكثر من خُمس مناجم الفحم في الولايات المتحدة ومع بقاء 95% من الفحم في الولايات المتحدة واستخدام 46% منه داخل الولاية، وفقاً لتقرير محفظة طاقة كنتاكي 2023 الذي أصدرته وزارة الطاقة والبيئة في كنتاكي، يشكل الفحم 69% من محفظة الكهرباء في كنتاكي و32% من إجمالي استهلاكها للطاقة، ولا يتطلب الأمر أي استنتاج لمعرفة المصالح التي ربما دفعت آندي بار إلى اقتراح القانون، كما أن انحداره من عائلة عسكرية يشير أيضاً إلى أنه من غير المرجح أن يكون منفتحاً على الصين، لأنها تدعو إلى بناء نوع جديد من العلاقات الدولية، لا يقوم على ترتيب القوة العسكرية.

في المقابل، تقترح الصين أن يكون الأمن القومي مشتركاً وشاملاً وتعاونياً ومستداماً، ولا ينبغي أن يُبنى أمن دولة واحدة على انعدام أمن دول أخرى، كما يتطلب الأمن القومي حدوداً واضحة، وخاصةً في المجالين الاقتصادي والسياسي، حيث يتعيّن تحديد هذه الحدود علمياً.

إن الخطاب الذي يستخدمه المشرّعون الأمريكيون لتبرير مشاريع القوانين التي يقترحونها يهدف إلى إخفاء الدافع وراء تحركاتهم، وطبيعة التمويل باعتباره شريان حياة لدعم الحملات الدعائية المنهجية للولايات المتحدة ضد الصين، وهو التكتيك الذي استخدمته واشنطن ضد الاتحاد السوفييتي طوال الحرب الباردة، إذ يمثل القانون في حدّ ذاته مسعى تضليل من جانب الولايات المتحدة لتشويه سمعة الحزب الحاكم في الصين، ومحاولة بثّ الفتنة بينه وبين الشعب الصيني، والصين وشركائها، وهي خطة وضعها الجانب الأمريكي موضع التنفيذ منذ الإدارة الأمريكية السابقة.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الولايات المتحدة في محاولة تشويه صورة الصين، فإن الصين تبذل قصارى جهدها لبناء المزيد من الجسور، وتمهيد المزيد من الطرق للتبادلات بين الشعبين، لأنها تعتقد اعتقاداً راسخاً أن مفتاح السعي إلى التنمية المستقرة والمستدامة للعلاقات الصينية الأميركية هو تعزيز الدعم الشعبي.

لقد أكدت الصين أنها ملتزمة بضمان حياة أفضل لشعبها في الداخل، وتقديم مساهمات أكبر للسلام والتنمية في العالم، وينبغي للولايات المتحدة أن تفعل الشيء نفسه بدلاً من ممارسة ألعاب المحصلة الصفرية.