وماذا بعد..؟!
عبد الكريم النّاعم
قال وملامح وجهه مشدودة، وبحزن كبير: “ها قد وقع ما وقع”، واختنق بدمعه، وتابع: “أنا أشعر بأنني أسقط في هوّة من فراغ لا قرار لها”.
أجابه: “معك حقّ، المُصاب جَلل، والشهيد الكبير حسن نصر الله قائد استثنائي، وفرحة العدو كبيرة، وأحزاننا أكبر، ولا بدّ من إدراك أنّ شهادته لن تكون نهاية المصير، بل يجب أن تكون بداية جديدة في المنطقة، أنا أدرك مشاعر الشرفاء في كلّ مكان، وقد أًصيبت بهزّة عميقة، ولكي لا تتحقّق رغبة العدو في أن يكون ارتقاء شهيد الأمّة، والأحرار في العالم، شهيد الشجاعة، والفهم العميق.. صدمة أذهلتْ عقولنا، ومن دون إنكار لأثر ما منينا به، فإنّ هذا يُفترَض أن تكون خيارات حلف المقاومة بحجم هذا الفَقْد.. لقد سبق شهيدنا الكبير استشهاد العديد من القادة، وقد يتمكّن العدو من اغتيال آخرين، وهذا لن يوقف مشروع المقاومة، فالمقاومة ليست رجلاً، أو رجالاً، ودون تقليل من أثر ما أُصبْنا به، بل هي فكرة، وعقيدة، ورؤيا للحاضر والمستقبل، ووعي بحجم ما نواجه، وهذه الأمّة ولاّدة، وليستْ رحِماً عاقراً، كما أنّ كلّ الذين استُشهدوا قبله كانوا يتوقون لبلوغ سدّة الشهادة، وغياب القائد الكبير لن يكون نهاية المشروع الذي استُشهد هو وأخوانه من أجله، والمشاريع الكبيرة لا تموت بموت قادتها، غاب عبد الناصر فهل غاب فكره؟ واستُشهد أسد الله حمزة، فهل توقّف الإسلام؟، واستُشهد عمر المختار فهل ماتت فكرة التحرّر من العدو المحتل؟ إنّ المقاومة عقيدة، وليست رجلاً فرداً، وإن كان بحجم فقيدنا الذي كان يغبط الشهداء على شهاداتهم، وكما تمكّن حزب الله من أن يُقدّم بديلاً لكل قائد استُهدف، فسوف يكون في صفوفه مَن يختاره لمتابعة المسيرة، والمقاومة التي تنهار بغياب قائدها لا علاقة لها بروح ما نشأت عليه، وأنت تعلم أنّ المقاومة الفلسطينية الحليفة فقدت العديد من قادتها، بعضهم بالاغتيال، وبعضهم في غياهب السجون، فهل توقف العمل المقاوم؟
قاطعه: “كيف ستكون الصورة القادمة؟”.
أجابه: “لا بدّ من الانتظار قليلاً، والذي أعتقده أنّ حلف المقاومة سيكون أمام مهمات ليست جديدة، بل هي – كما نتمنّى لها أن تكون – نوعيّة بما يعادل فقدان هذا القائد التاريخي الكبير”.
قاطعه: “ثمّة مَن يرى أنّنا نواجه كلاً من واشنطن وتل أبيب، بمن معهم من حكام غربيين داعمين، وغير غربيّين، وأنّهم يزوّدون العدو بالسلاح، وبالاستخبارات، وبالمال، وبكلّ ما يملكون، ونحن كما تعرف”.
أجابه: “لقد ذكرتُ في مرّات سابقة أنّ كلّ القوى الوطنيّة التي تمكّنت من طرد المحتلّ، عبر التاريخ الحديث على الأقلّ، كانت إمكاناتها أقلّ بما لا يقاس بقدرة المحتل، خذْ سورية كمثال، والجزائر، وليبيا، ومصر، وفيتنام، والقائمة تطول، ولا شكّ في أنّ ثمّة جديداً نوعيّاً، ولا أزعم أنّنا قادرون على إنجاز ما نريد بسهولة، ولاسيّما أننا نواجه أشرس هجمة أمريكية صهيونيّة، مدعومة بقوى الشر في العالم، وبصمت مَن سيطول عجب التاريخ من صمتهم الذليل، والمتواطئ.. إنّ العالم كلّه على أبواب مرحلة جديدة”.
قاطعه: “كم تؤلمني وتستفزّني فرحة العدو، وبعض مَن يُصنّفون أنّهم من أبناء هذه البلاد”.
أجابه: “أمر مُزعج، لكنّ العواطف لا تُحسب في ميزان التقييمات.. أنا حزين جداً مثلك، وبكيت كآخرين، ولم يُغيّب عن فكري أنّ فقدان قائد كمن ذكرنا، لا يُنهي فكرة المقاومة، قد يحدث بعض الارتباك، لبعض الوقت، لكنّه لا يفكّكها، ولا يُلغيها”.
aaalnaem@gmail.com