تحت الأقبية.. تزايد ملحوظ لورشات تقليد العلامات التجارية “العالمية” و”المحلية” ودعاوى القضاء تنكمش!
ميس بركات
في الأقبية والمناطق المنزوية عن العين، وبعيداً عن رقابة حماية الملكية والمستهلك، تفاقمت الصناعات المندرجة تحت ما يُسمّى “اقتصاد الظل”، ليشهد السوق المحلي صناعات غذائية وكهربائية ومواد تنظيف وغيرها من الصناعات الأساسية في الاقتصاد المحلي والبعيدة كلّ البعد عن المواصفات القياسية التي يجب أن تُقدّم للمستهلك، ومع التسليم بوجود هذه الصناعات الناشئة في كلّ يوم رغم حملات ضبطها، إلّا أن ما لا يمكن قبوله وشرعنته حتى أمام المستهلك الذي بات يبحث عن السلع المنخفضة السعر هو عدم توقف الغش في هذه الصناعات على تقليد العلامات التجارية العالمية لترغيب المستهلك بشراء السلعة، ليتعدّى ذلك إلى تقليد بعض العلامات التجارية المحلية، الأمر الذي أكدته الجهات المعنية بوجود صناعة كابلات مقلّدة للشركة العامة للكابلات في دمشق، الأمر الذي يسيء إلى سمعة هذه الصناعة المحلية لعدم مراعاة قواعد الملكية، فضلاً عن اعتبار ذلك تعدياً على منشآت صناعية، حقّقت مكانة وشهرة بعد سنوات طويلة من الجهد والتعب.
طبق الأصل
الصناعي عماد قدسي لم ينكر أن تقليد العلامات التجارية العالمية وتزويرها أمر موجود في كلّ دول العالم، عدا عن أن هذا الموضوع كان موجوداً بنسبة قليلة قُبيل الحرب إلّا أنه تحول إلى ظاهرة خطيرة ومؤثرة على الصناعات المحلية التي هي بالأساس كانت في حالة تدهور خلال فترة الحرب، إذ استشرت وتفاقمت هذه الظاهرة رويداً رويداً لدرجة لم تعد الجهات المعنية قادرة على اللحاق بجميع المخالفين وضبطهم وإغلاق ورشاتهم المندرجة تحت ما يُسمّى باقتصاد الظل البعيد عن الرقابة والجاذب للمستهلك لانخفاض سعر صناعاته، مشيراً إلى أن ما وصل إليه بعض أصحاب هذه الورشات بتقليد لعلامات تجارية محلية هو أمر يتوجب التحرك وضبطه بالسرعة القصوى، ولاسيّما أن التقليد لا يشمل فقط اسم المنتج، وإنما الشكل والسعر، وحتى المواصفات الموجودة على عبواته، وتصل غالباً إلى أن تكون نسخة طبق الأصل عن الماركة الأصلية شكلياً، إلا أنها فعلياً تحمل أقل مواصفات الجودة المطلوبة، وبالتالي سيكون منعكس هذه الظاهرة خطيراً جداً على صناعتنا المحلية التي تعاني أساساً من كساد في الكثير من المطارح، نظراً لارتفاع كلف الإنتاج وضعف القدرة الشرائية وعدم منافستها في الأسواق المجاورة، نظراً لارتفاع سعرها مقارنة بأسعار تلك الدول.
نبش بالقمامة
في المقابل أوضح عبد الرزاق حبزة أمين سر جمعية حماية المستهلك أن أي صناعي يريد حماية اسمه التجاري بعد حصول منتجه على سجل تجاري وتسجيله في غرفة التجارة يجب أن يقوم بتقديم طلب إلى مديرية حماية الملكية، ويأخذ “اللوغو” لعلامته التجارية التي ستصبح حصرية بمنتجه، وبالتالي فإن تعدي أي شخص على هذه الماركة أو تقليدها تتمّ محاسبته قضائياً، لافتاً إلى أن ما يحصل كثيراً هو حجز الكثيرين اليوم لعلامات تجارية لماركة معينة لبيعها مستقبلاً مقابل بدل مادي، إذ تشتكي الأنشطة التجارية والصناعية من امتلاك الكثيرين للعلامة التجارية، ولا يقومون بالانتفاع بها، موضحاً أن مديرية حماية الملكية تقوم بشطب العلامة التجارية بناء على طلب أي شخص يستطيع إثبات أنها لم تكن موضع انتفاع، وفي حال استطاع مالك العلامة إثبات أن ظروفاً خارجة عن إرادته منعته من الانتفاع بالعلامة فلا يجوز شطب العلامة، وأشار أمين سر الجمعية إلى ما انتشر في الآونة الأخيرة من افتراش الأرصفة والبسطات لصناعات لها سجل تجاري “محلية وعالمية”، منهم من يقومون بتقليد الماركة في ورشات مخفية، ومنهم من يقوم بإعادة تدوير العبوات، حيث يتمّ الحصول على العبوات الجاهزة المرتبة من قبل نباشي القمامة ويتمّ تعبئتها بمواد أخرى يتهيأ للمستهلك أنها أصلية، وفي حال ضبطها يتمّ مصادرة المبيعات ومخالفة البائع، لذا ننصح المستهلكين بثقب العلبة بعد انتهاء استخدامها كي لا يتمّ إعادة تدويرها، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على الصناعة المحلية كونها تباع بأسعار مخفّضة ونوعيات سيئة رديئة تؤثر على ثقة وسمعة أصحاب الصناعة الأساسية.
قلّة الدعاوى
وعلى الرغم من أن القانون السوري المتعلق بحماية الملكية التجارية لأصحابها شدّد بالعقوبات المفروضة على من يقلّد ويزوّر أي علامة تجارية، إلّا أن المشهد القضائي يدلّ على قلّة عدد الدعاوى المرفوعة بهذا الشأن، ويرجع المحامي عثمان أحمد السبب في ذلك إلى طول إجراءات التقاضي التي قد تصل في حال القضاء المدني إلى عدة سنوات، وإلى سنة أو سنتين في القضاء التجاري الأكثر تخصصاً وفهماً لطبيعة العمل التجاري.
وعرج أحمد في حديثه على تعريف العلامة التجارية بأنها كل إشارة تمكن من تمييز منتجات أو خدمات شخص طبيعي أو اعتباري، لافتاً إلى أن اللجان العاملة في مديرية حماية الملكية والمكلفين بمسح العينات وجمع الضبوطات المتعلقة بالمنتجات المقلّدة لماركات عالمية ومحلية وفق القانون، يقومون بموجب أمر مهمة أو تفويض صادر عن النيابة العامة أو عن مدير الحماية بإخبار المديرية بكل ما يطلعون عليه من مخالفات لأحكام هذا القانون، وترسل الضبوط إلى النيابة العامة لإجراء ما يلزم بشأنها، مشيراً إلى أن القانون السوري قدّم الحماية الكاملة لحقوقه من أن يقوم أي شخص بالاعتداء عليها، إذ أعطى القاضي الحق في فرض عقوبة على كلّ من أقدم على استعمال علامة فارقة تخصّ غيره بالسجن وبغرامة مادية أو بإحدى هاتين العقوبتين، وشدّدت المادة 14 من القانون المتعلق بحماية الملكية التجارية على ضرورة أن يقدّم طلب تسجيل العلامة من قبل صاحب الطلب، أو من ممثّله القانوني مرفقاً به الرسم المالي المحدّد، وفي حال كان طالب التسجيل غير مقيم في سورية وجب عليه أن ينيب عنه شخصاً مقيماً في البلد ليكون وكيلاً عنه في معاملات التسجيل التي تتمّ بناء على تعبئة استمارة متضمنة البيانات المطلوبة و”لوغو” الشركة مع شرح للسلعة التي ستقدمها الشركة وترغب في أن يشمله تسجيل العلامة التجارية، وأشار المحامي إلى ملايين الليرات التي تخسرها الكثير من الشركات والصناعات نتيجة تعرّض منتجها للتقليد وبيعه في المناطق الشعبية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، منوهاً بأهمية تسجيل العلامة التجارية، حيث يكفل التسجيل الحق للشركة في منع الغير من تسويق منتجات مطابقة أو مشابهة لمنتجاتها بعلامة مطابقة أو مشابهة.