تحت شعار “نبدع لفلسطين محررة كاملة موحدة”.. التشكيليون الفلسطينيون يعقدون مؤتمرهم
أمينة عباس
تحت شعار “نبدع لفلسطين محرّرة كاملة موحدة”، وتزامناً مع الذكرى الرابعةِ والعشرين لانتفاضة الأقصى، عقَد الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين -فرع سورية- مؤتمره الرابع في قاعة المجلس الوطني الفلسطيني بدمشق.
وعبَّر الفنانون التشكيليون الفلسطينيون، خلال المؤتمر، بشكل مبدئي وراسخ عن رفضهم كل أشكال القهر والاضطهاد العنصري والقومي والطبقي، والعمل من أجل إبراز الوجه الحضاري للشعب الفلسطيني، منطلقين من أن المقاومة تقع في الخندق الأمامي من ساحةِ النضال العالمي ضدّ الإمبريالية والصهيونية والرجعية، وأن الفنّ الفلسطيني جزءٌ أساس من بنية هذه المقاومة حتى تتحقق أهدافُها. يقول الفنان محمود خليلي الذي افتتح الجلسة الأولى: “الشعبَ الفلسطيني الذي يقاتل على جميع الجبهات كرَّسَ الفنّ بشكل عام كأحد أسلحتِه النضالية، ومنها الفن التشكيلي الذي لعب دوراً بارزاً في النضال، وخاصة بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة، وسعى إلى أن يكون موازياً للبندقية المقاتلة والواعية ورديفاً أساساً لها إيماناً من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين بأن العملية الإبداعية هي من أكثر النشاطات الإنسانية حيوية وفاعلية، وهي تعبيرٌ عن الوجدان الفلسطيني الذي يواجه أعداءَه ومحتلي وطنه، حيث لم يكن الفنان الفلسطيني في يومٍ من الأيام هامشياً منعزلاً عن قضيته، بل كان خيرَ ممثلٍ ومعبّرٍ عن أحلامِ شعبه في التحرير والعودة، وقد واكب مسيرةَ شعبه في الانتصارات والانكسارات، مسخّراً إبداعه في خدمة الثورة وفضح زيف الاحتلال وممارساته الهمجية، مدركاً دورَه في التعبيرِ الصادقِ لنقل الحقيقة الحامل لفكرتَي التثوير وبثّ الأمل، لذلك لم يبخل الفنانون التشكيليون الفلسطينيون بأرواحهم، فقدموا على دروبِ الكفاح قوافل من الشهداء: ناجي العلي، وعبد العزيز إبراهيم، وأكرم زريقي، وفي ملحمة طوفان الأقصى: هبة زقّوت وفتحي غبن، والقائمةُ تطول”.
واستناداً إلى كلّ ما سبق يضيف خليلي قائلاً: “اجتمع الفنانون التشكيليون الفلسطينيون عام 1979 وقرروا تنظيمَ أنفسِهم في اتحادٍ عام يجمع جهودَهم، وينظمُها ليكونَ رديفاً ومحرّضاً وطنياً، ومفجّراً لطاقات شعبنا الإبداعية ومرتكَزاً من مرتكزات النضال حتى التحرير والعودة، وكانت سورية الحاضنةَ الأصيلةَ التي يسَّرت السبل ومنحت الفنانين التشكيليين منذ تأسيس الاتحاد فرصةَ التعاون التاريخي البنّاء مع اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين والمؤسسات الفنية المعنية كمديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة”.
وبيَّن الفنان التشكيلي غسان أحمد غانم أمين سرّ اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين: “في كل معاناة يخوضها الفلسطينيون يكتبون فصلاً جديداً في حكاية الصمود والتحدي، والفنون لم تكن بمنأى عن ذلك، كذلك الفنان الفلسطيني الذي عبَّر بريشته راسماً عبر اللون والقلم الأمل الذي يليق بالنصر الذي هو آتٍ لا محالة، وقد حرص هذا الفنان على إطلاق العنان لمخيلته، حيث لكل حجر في فلسطين قصة، وكل قصة لها بطل، وكل بطل يكتب فصلاً جديداً من حكاية الصمود والمقاومة التي يشارك في سردها والتعبير عنها الفن التشكيلي السوري من خلال المعارض المشتركة التي تقام بين الفنانين التشكيليين الفلسطينيين والسوريين الذين رسموا لوحة واحدة عنوانها فلسطين حرة لأن القضية واحدة ومستمرة، لذلك حمل شعار المؤتمر الكثير من المعاني التي تؤكد أن فلسطين حق، والحق لا يموت”.
وبكلمة فلسطين التي ألقاها خالد عبد المجيد الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني توجَّه إلى الفنانين قائلاً: “ينعقد المؤتمر في ظلّ مرحلة خطرة يواجهها الشعب الفلسطيني في ظلّ الحرب الدائرة مع الكيان الصهيوني، واتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين -فرع سورية- هو الاتحاد الوحيد الذي حافظَ على وحدة الوضع والموقف الفلسطيني، محيياً رمزين من رموز الاتحاد هما الراحل إسماعيل شموط وعبد المعطي أبو زيد وكوكبة كبيرة من الفنانين التشكيليين الذين حملوا ريشتهم كما حملوا البندقية والقلم للقيام بدورهم الذي يتكامل مع الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها ومع كل أشكال النضال في الإعلام والسياسة، ويجب ألّا نقلل من ترابط هذه الأدوار في صراعنا مع العدو الذي لم يتوقف الفنانون التشكيليون الفلسطينيون عن مقارعته من خلال إبداعه حتى قبل قيام الثورة الفلسطينية المعاصرة”.
ولأن الفنانين السوريين كانوا شركاء في الدم مع الفنانين الفلسطينيين، يحدّثنا السفير الفلسطيني الدكتور سمير الرفاعي قائلاً: “شارك الفنانون السوريون بريشتهم منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكانوا شركاء في الدم، فالفنان السوري نذير نبعة هو الذي رسم وصمّم درع العاصفة المعروف ووثَّق بريشته الأيام الأولى لانطلاقة الثورة الفلسطينية، وهذا يؤكد التلاحم بين الشعبين السوري والفلسطيني في مواجهة العدو، وقد كُرّم نبعة مرات عدة من قبل الفلسطينيين والسوريين، وحملت إحدى المدارس اسمه”.
وفي الجلسة الثانية، وبعد قراءة التقارير ونقاشها من قبل أعضاء المؤتمر، انتُخَب الفنان محمد الركوعي رئيساً للفرع والفنان محمود خليلي مشرفاً عاماً له، كما انتخب أعضاء الهيئة الإدارية والأعضاء الاحتياط، يقول الركوعي في تصريحه لـ”البعث”: “عُقِد المؤتمر في ظل ظروف سياسية تمرّ بها المنطقة، وما الحضور الكثيف للفنانين التشكيليين إلا تأكيداً على وقوفهم مع المقاومة، فالفنان التشكيلي اليوم يرسم بالدم مع المقاومين في لبنان وقطاع عزة غزة والضفة الغربية، ويؤرّخ بالريشة ما حدث ويحدث”.
وفي ختام المؤتمر، أدان المؤتمرون اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، معربين عن تعازيهم للشعب اللبناني وللأمة العربية، ولكل الأحرار في العالم، كما وجّهوا تحية اعتزاز لأهلنا في قطاع غزة الصامدين الصابرين، وللمقاومة الباسلة المدافعة عن شرف الأمة وكرامتها، ولشعبنا المقاوم في الضفة الغربية وفي كل مساحة الوطن المحتل، ولمحور المقاومة وفي المقدمة سورية الأبية قيادةً وشعباً، عرين العروبة، الحضن الدافئ، والموقف الصلب شاكرين المؤسسة الفلسطينية للثقافة والتنمية، ممثلة برئيس مجلس أمنائها الفنان أيهم حمادة، لتقديمها الدعمَ المطلوب، لتغطية نفقات المؤتمر.