مزارعو سهل عكار يطالبون بتأمين مستلزمات الإنتاج في وقتها
يتحضّر مزارعو سهل عكار وأصحاب البيوت المحمية لتهيئة بيوتهم وتجهيزها بالمستلزمات لزوم العملية الإنتاجية التي أرهقت كاهلهم وزادت أعباءهم إثر ارتفاع ثمنها وعدم تأمينها من قبل الجهات المعنية بالوقت المناسب، ما يكبّد المزارعين خسائر كبيرة يحملونها “وحدهم” من عام لآخر دون آذان مصغية لمطالبهم التي تذهب أدراج الرياح كلّ موسم!.
ومع حلول فصل الخريف يقدّم المزارعون على فلاحة أراضيهم العطشى بعد فصل صيف طويل وجاف، فيتحضّرون لزراعة العديد من المحاصيل، كالبندورة والخيار والفليفلة والباذنجان والفاصولياء، ويسعون لخدمة تلك المحاصيل وتأمين مستلزماتها في الوقت المناسب مع تحمّلهم تكاليف مادية باهظة تنعكس على ارتفاع قيمة المحاصيل المنتجة، حيث أشار بعض المزارعين إلى أن سعر ليتر المازوت الحر ١٥ ألف ليرة، وسعر كيلو السماد الذواب يبدأ بخمسين ألف ليرة حسب جودته، كما يحتاج البيت المحمي إلى أسمدة متنوعة كالسوبر واليوريا والبوتاس وجميعها مرتفعة السعر الذي يبدأ بـ ٦٠٠ ألف ليرة للكيس حسب مصدره ونوعه، وحسب العرض والطلب أيضاً، ويصل سعر لفة النايلون إلى ثلاثة ملايين ونصف، وتكلف أنابيب الري بالتنقيط بين ٦٠٠- ٨٠٠ ألف حسب جودتها، وسعر الفلينة ثمانية آلاف ليرة، وأجر حراثة الأرض بالساعة ١٥٠ ألفاً، كما لفتوا إلى استهلاك البيت المحمي عدداً كبيراً من الرشوش التي تختلف بجودتها من شركة لأخرى وجميعها مرتفعة الثمن.
رئيسُ الرابطة الفلاحية في طرطوس نسيم نعمان، أشار إلى وجود مئة ألف بيت محميّ في منطقة طرطوس تحتاج إلى سماد ومازوت وأدوية مكافحة، مؤكداً أن عدم توفر مستلزمات الإنتاج بشكل كافٍ وارتفاع ثمنها يحمّل المزارعين أعباء كبيرة لتأمينها إثر حاجتهم الماسة لإكمال عملهم في الأرض التي يعتاشون من خلالها والتي ورثوها “أباً عن جد” رغم صغر الحيازات التي يملكونها.
واعتبر نعمان أن تأخر القرارات التي تحدّد جدول الاحتياج للمصرف، لإعطاء المزارع وفق التنظيم الزراعي بشكل مبكر حتى يستفيد منه، إذ أن البيت المحمي يحتاج إلى حراثة مرتين إلى ثلاث مرات قبل بدء الزراعة لأن الأرض تكون عطشى بعد فصل الصيف وتحتاج إلى سقاية لتهيئتها بشكل سليم وآمن لتنتج موسماً جيداً، ما يتطلب تأمين المازوت لزوم الحراثة بكميات كافية، مبيناً معاناة المحافظة العام الماضي من قلة كميات المازوت، إذ أن حاجتها تسعة ملايين ليتر ومنحت أربعة ملايين، حيث منح كلّ بيت محمي ٤٨ ليتراً، للحراثة ٣ ليتر والسقاية ٤٨ ليتراً والزيتون ثلاثة ليترات، ما انعكس بشكل كبير وسلبي على زراعات السهل.
ولم يخفِ رئيس الرابطة صعوبة إنتاج سليم نتيجة الأوبئة التي تحصل سواء عن طريق التلوث بالعوامل الجوية أو من خلال الزراعات المتراكمة كون الفلاح يزرع موسمين أو ثلاثة بالعام، فمثلاً، تعتبر بذرة البندورة طويلة المدة، حيث تزرع من بداية العام حتى الشهر الثامن وهي مرتفعة الثمن، كما أن الأدوية الزراعية غير فعالة، مطالباً بضرورة افتتاح صيدليات زراعية تتبع لمديرية الزراعة كونها آمنة ومراقبة وذات فعالية، وتخفّف بالتالي التكاليف الباهظة على المزارع، محملاً الجهات الرقابية ضعف الرقابة على الصيدليات الزراعية الخاصة التي تتحكم بجهد وتعب وعرق الفلاح، وعدم إلزام بعض المزارعين بالرش لأن العدوى تنتقل من أرض إلى أخرى مجاورة، موضحاً أن ٤٠% من مزارعي السهل تحولوا من زراعة الخضار إلى زراعة الموز ضمن البيوت المحمية على اعتبار أن خدمتها أقل وأسهل وإنتاجها كثيف وعالٍ.
ووفقاً لرئيس الرابطة الفلاحية في بانياس حسن إبراهيم أن زراعة البندورة تعتبر الأكثر انتشاراً، وهناك صعوبات تواجه الفلاح بارتفاع تكاليف الإنتاج من بذار ونايلون وتنقيط وحديد وفلين وخيطان، وارتفاع أسعار المبيدات الزراعية بشكل كبير، مبيناً أن زراعة البندورة تحتاج إلى تعقيم شمسي، كذلك ارتفاع تكاليف حراثة الأرض وتجهيزها للزراعة والحاجة لليد العاملة بكلفة عالية، إضافة إلى تعرّض المنطقة للعواصف الهوائية والتنين البحري الذي يؤدي إلى تدمير البيوت بنسبة كبيرة جداً، وصعوبة التسويق والتصدير تؤدي إلى انخفاض الأسعار وبالتالي خسائر كبيرة جداً لدى المزارع.
ومن الصعوبات التي يعانيها المزارعون أيضاً، حسب إبراهيم، تأخير استلامهم مستحقاتهم المالية من قبل التجار الذين يسوقون المحصول، وحرمان الآلات الزراعية من المازوت الزراعي المدعوم، وخاصة البيكابات التي تعتبر العصب الرئيسي في خدمة هذه الزراعة، مع العلم أن كلّ بيت محمي مساحته ٤٠٠ متر مربع يزود بـ١٥ ليتراً فقط على مدار العام، مبيناً أن قسماً من البيوت المحمية تنتشر في المرتفعات خلال فصلي الصيف والخريف، فهي تعاني، إضافةً لما ذكر، من شحّ المياه بشكل كبير.
وبالنسبة للقسم الذي يزرع بالمزروعات الاستوائية، يطالب مزارعو الاستوائيات بدعم هذه الزراعة بكل ما تحتاجه ويعتبرونها زراعة رابحة مقارنة مع غيرها من الزراعات المحمية. بدورنا كرابطة فلاحية، والكلام لإبراهيم، نأمل من المعنيين تقديم كلّ أنواع الدعم للمزارعين، وخاصة مزارعي البندورة ليستمروا في زراعتهم وبالتالي تلبية حاجة السوق من هذه المادة الرئيسية.